قال:{فَإن كَانَ لَهُ إخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ}[النِّسَاء: ١١] فدل الظاهر على أن الباقي أيضًا للأب.
ولأن الإخوة لا يرثون مع الأب وحده، فكان أولى أن لا يرثوا معه ومع الأم، ولأن من أدلى بعصبة لم يرث مع وجود تلك العصبة كابن الابن مع الابن وكالجد مع الأب.
فإن قيل: أفليس الإخوة للأم يدلون بالأم ويرثون معها، فهلا كان الإخوة مع الأب وإن أدلوا به يرثون معه.
قيل: الفر بينهما من وجهين:
أحدهما: أن الإخوة للأب عصبة يدلون بعصبة فلم يجز أن يدفعوه عن حقه مع إدلائهم به، والإخوة للأم ذو فرض لا يدفعون الأم عن فرضها فجاز أن يرثوا معها.
والثاني: أن الإخوة للأم لا تأخذ الأم فرضهم إذا عدموا فلم يدفعهم عنه إذا وجدوا والأخوة للأب يأخذ الأب حقهم، إذا عدموا فدفعهم عنه إذا وجدوا. فأما حجبهم الأم عن السدس فليس كل من حجب عن فرض استحق ذلك الحجب، ألا ترى أن فرض البنت النصف لو لم تحجب أحدًا ولو حجبت الزوج إلى الربع والزوجة إلى الثمن والأم إلى السدس لم يعد عليها ما حجبتهم عنه من الفروض وكذلك الأخوة.
فرع: فأما الأخوة والأخوات للأب فيسقطون مع من تسقط معه الإخوة والأخوات للأب والأم من الابن وابن الابن والأب ويسقطون أيضًا مع الإخوة والأخوات للأب والأم لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات".
قال في الحاوي: وهذا كما قال: لا خلاف أن الجدات لا يرثن مع الأم سواء من كن منهن من قبل الأب أو من قبل الأم لأنهن يرثن بالولادة فكانت الأم أولى منهن لأمرين:
أحدهما: أنها مباشرة للولادة بخلافهن.
والثاني: أن الولادة فيها معلومة وفي غيرها مظنونة فلفوتها بهذين أحجبت جميع الجدات.
وأما الأب فلا خلاف أنه يحجب أباه وهو الجد ولا يحجب الجدة من قبل الأم