للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وميراثهما) هو ما سوى فرض الزوج أو الزوجة فلم يجز أن يزاد على ثلث ما ورثه الأبوان، ولأن الأبوين إذا انفرد كان المال بينهم أثلاثًا للأم ثلثه وللأب ثلثاه فوجب إذا زاحمها ذوو فرض أن يكون الباقي منه بينهما للأم ثلثه وللأب ثلثاه ولأن الأب أقوى من الأم، لأنه يساويها في الفرض ويزيد عليها بالتعصيب فلم يجز أن تكون أزيد سهمًا منه بمجرد الرحم.

فإن قيل: فالجد يساوي الأب إذا كان مع الأم عند عدم الأب ثم للأم مع الزوج والجد ثلث جميع المال، وإن صارت فيه أقل من الجد كذلك مع الأب قبل الأب أقوى من الجد لإدلاء الجد بالأب، ولإسقاط الأب من لا يسقط بالجد، ولأنه مساوٍ للأم في درجته مع فضل التعصيب، والجد أبعد منها في الدرجة وإن زاد الأب في التعصيب فلقوة الأب على الجد لم يجز أن يساوي بينهما في التفضيل على الأم والله أعلم.

مسألة:

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: "وَللْبنْتِ النِّصْفُ وَلِلابْنَتَيْنِ فَصَاعِدًا الثُلُثَانِ".

قال في الحاوي: وهذا كما قال: أما البنت الواحدة إذا انفردت ففرضها النصف بنص الكتاب قال الله تعالى: {وإن كَانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النِّسَاء: ١١] فإن كن اثنين فصاعدًا ففرضها الثلثان وبه قال جمهور الصحابة رضي الله عنهم وسائر الفقهاء وقال عبد الله بن عباس في رواية عنه شاذة إن فرض البنتين النصف كالواحدة وفرض الثلاث فصاعدًا الثلثان استدلالًا بقوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النِّسَاء: ١١] فجعل الثلثين فرضًا لمن زاد على صرح في الأخوات بأن فرض الاثنتين فصاعدًا الثلثان وقال في البنات: {فَإن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النِّسَاء: ١١] فاحتمل أن يكون هذا العمل محمولًا على ذلك التصريح المقيد في الأخوات واحتمل أن يكون بخلافه على ما حكي عن ابن عباس فكان حمله على الوجهين الأولين أولى من حمله على ما قال ابن عباس لأمرين ترجيح واستدلال.

أحدهما: أنه لما استوى فرض البنت والأخت في النصف اقتضى أن يستوي فرض البنتين والأختين.

والثاني: أن البنات أقوى في الميراث من الأخوات، لأنهن يرثن مع من يسقط الأخوات، فلم يجز أن يكون فرض الأختين مع ضعفهن الثلثين ويكون فرض البنتين مع قوتهن النصف: وليس يمنع أن يكون قوله فوق صلة زائدة كما قال الله تعالى: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>