قال: جاءت جدتان إلى أبي بكر رضي الله عنه فأعطى التي من قبل الأم السدس فقال عبد الله بن شرحبيل أخو بني حارثة: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ورثت التي لو ماتت لم يرثها فجعله أبو بكر بينهما ولله أعلم.
فصل: فإذا تقرر أن فرض الجدة أو الجدات السدس فالجدة المطلقة هي أم الأم، لأن الولادة فيها متحققة والاسم في العرف عليها منطلق واختلف أصحابنا في الجدة أم الأب هل هي جدة على الإطلاق أم بالتقييد فقال بعضهم هي جدة على الإطلاق أيضاً كأم الأم وقال آخرون بل هي جدة بالتقييد وعلى هذا اختلفوا فيمن سأل عن ميراث جدة هل يسأل عن أي الجدتين أراد أم لا فقال: من جعلها جدة على الإطلاق أنه لا يجاب حتى يسأل عن أي الجدتين أراد وقال: من جعلها جدة بالتقييد إنه يجاب عن أم الأم حتى يذكر أنه أراد أم الأب والأصح أن ينظر فإن كان ميراثها يختلف في الفريضة بوجود الأب الذي يحجب أمه لم يجب عن سؤاله حتى يسأل عن أي الجدتين سأل وإن كان ميراثها لا يختلف أجيب ولم يسأل ثم اختلفوا في عدد من يرث من الجدات فقال مالك لا أورث أكثر من جدتين أم الأم وأم الأب وأمهاتهما وإن علون ولا أورث أم الجد وإن انفردت وبه قال الزهري وابن أبي ذئب وداود. ورواه أبو ثور عن الشافعي في القديم استدلالاً بقضية أبي بكر رضي الله عنه في توريث جدتين وكما لا يرث أكثر من أبوين. وقال أحمد بن حنبل لا أورث أكثر من ثلاث جدات وبه قال الأوزاعي استدلالاً برواية منصور عن إبراهيم أن النبي صلى الله عليه وسلم أطعم ثلاث جدات قال منصور: فقلت لإبراهيم: من هن؟ فقال: جدتا الأب أم أبيه وأم أمه وجدة الأم أم أمها.
وذهب الشافعي وأبو حنيفة إلى توريث الجدات وإن كثرن. وبه قال جمهور الصحابة والفقهاء لاشتراكهن في الولادة ومحادثهن في الدرجة وتساويهن في الإدلاء بوارث وهذه المعاني الثلاث توجد فيهن وإن كثرن.
فأما توريث أبي بكر وعمر رضوان الله عليهما الجدتين فإنما ورثا من حضرهما من الجدات ولم يرو عنهما منع من زاد عليهما. وهكذا المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أطعم ثلاث جدات ولا يمنع من إطعام من زاد عليهن وليس بممتنع أن يورث أكثر من أعداد الأبوين لأنهن يكثرن إذا علون.
فصل: فإذا ثبت أنهن يرثن وإن كثرن فلا ميراث منهن لأم أبي الأم وهو أن يكون بينهما وبين الميت أب بين أمين.
قال محمد بن سيرين أم أبي الأم ورائه وإن أدلت بذكر لا يرث لما فيها من