وأم فإن استوت درجتهم قدم من كان منهم لأب وأم على من كان لأب ثم الأعمام لأنهم بنو الجد ولأن النبي صلى الله عليه وسلم ورث عم سعد بن الربيع ما فضل عن فرض زوجته فيقدم العم للأب والأم على العم للأب لإدلاته بالسببين ثم للعم للأب ثم ابن العم للأب والأم ثم ابني العم للأب ثم بنو بنيهم على هذا الترتيب وأن سلفوا مقدمين على أعمام الأب ثم أعمام الأب يقدم منهم من كان لأب وأم على من كان لأب ثم بنوهم وبنو بينهم على ما ذكرنا في بني الأعمام ثم أعمام الجد ثم بنوهم ثم أعمام ابن الجد ثم بنوهم ثم أعمام جد الجد ثم بنوهم ثم أعمام أبي جد الجد ثم بنوهم هكذا أبداً حتى يستنفذ جميع العصبات لا يقدم بنو أب أبعد على بنو أب هو أقرب وإن نزلت درجتهم وإذا استووا قدم منهم من كان لأب وأم على من كان لأب وليس الإخوة للأم من العصبة إدلائهم بالأم التي لا مدخل لها من التعصيب ولا الأعمام للأم من الورثة لأنهم ذو أرحام والله أعلم.
فصل: وليس يرث مع أحد من هؤلاء العصبات أخت له إلا أربعة فإنهم يعصبون أخواتهم ويرثون معهم الابن يعصب أخته وترث معه للذكر مثل حظ الأنثيين بنص الكتاب وابن الابن يعصب أخته وإن سفل ويعصب من لا غرض له من عماته فيشتركون في الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين والأخ للأب والأم يعصب أخته وبقاسمها للذكر مثل حظ الأنثيين والأخ للأب كذلك أيضاً يعصبها ويقاسمها ومن سوى هؤلاء الأربعة من العصبات كلهم يسقطون أخواتهم ويختصون بالميراث كبني الإخوة والأعمام من جميع العصبات.
فصل: فأما إذا ترك ابني عم أحدهما أخ لأم فللذي هو أخ للأم السدس فرضاً بالأم والباقي بينهما بالتعصيب. وبه قال علي وزيد رضي الله عنهما وهو الظاهر من قول عمر وقول أبي حنيفة ومالك والفقهاء.
وروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: المال كله لابن العم الذي هو أخ لأم. وبه قال شريح وعطاء والحسن وابن سيرين والنخفعي وأبو ثور استدلالاً بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"وبنو الأم يتوارثون دون بني العائلات" ولأنهما قد استويا في الإدلاء بالأب واختص أحدهما بالإدلاء بالأم فصار كالأخوين أحدهما لأب وأم وآخر لأب فوجب أن يقدم من زاد إدلاءه بالأم على من تفرد بالأب.
ودليلنا قوله تعالى:{وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ}[النَسِاَء: ١٢] فأوجب هذا الظاهر أن لا يزاد بهذه الإخوة على السدس، ولأن السبب المستحق به الفرض لا يوجب أن يقوى به التعصيب بعد أخذ الفرض كابني عم أحدهما زوج، ولأن ولادة الأم توجب أحد الأمرين إما استحقاقاً بالفرض أو تقديماً بالجميع ولا توجب كلا الأمرين من فرض وتقديم ألا ترى أن الإخوة المتفرقين إذا اجتمعوا اختص الإخوة للأم بالفرض واختص الإخوة للأب والأم بالتقديم