للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحابة عمر وعثمان رضوان الله عليهما ومن التابعين: عروة وشريح. ومن الفقهاء: أبو حنيفة وصاحباه وسفيان الثوري وهو القول الثاني للشافعي قاله نصاً.

والثالث: أن لها الميراث ما لم تتزوج وان انقضت عدتها، فإن تزوجت فلا ميراث لها. وبه قال من الصحابة أبي بن كعب رضي الله عنه ومن التابعين: عطاء. ومن الفقهاء: ابن أبيا ليلى وجعله أصحابنا قولا ثالثا للشافعي تخريجا.

والرابع: أن لها الميراث أبداً وان تزوجت وهو قول مالك وكثير من فقها، المدينة وجعله أصحابنا قولاً رابعاً للشافعي تخريجا، فإذا قيل: لا ترث فدليله ما رواه بعض أصحابنا البغداديون عن الشافعي في بعض أماليه في كتاب الرجعة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا ترث مبتوتة" وهذا الحديث إن كان ثابتاً سقط به الخلاف, ولأنها فرقة تمنح من الميراث في حال الصحة فوجب أن تمنع من الميراث في حال المرض كاللعان، ولأن كل طلاق يمنع من ميراث الزوج منع من ميراث الزوجة كالطلاق في الصحة، ولأن استحقاق الميراث فرع على ثبوت العقد، فلما ارتفع العقد بطلاق المريض كان سقوط الميراث أولى وإذا قيل: ترث، فدليله ما روي أن عبا الرحمن بن عوف طلق زوجته تماضر بنت الأصبغ الكلابية في مرضه ثلاثا قال أبو سلمة بن عبد الرحمن ثم مات بعد تسعة أشهر فورثها عثمان بن عفان.

وروى إبراهيم التميمي أن عبد الله بن مكمل طلق امرأته وكان به الفالج فمات بعد سنة فورثها عثمان بن عفان رضي الله عنه وهاتان القضيتان من عثمان عن ارتياء واستشارة الصحابة لاسيما زوجة عبد الرحمن مع إشهار أمرها ومناظرة الصحابة فيها، فإن قيل: فقد روى ابن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير أنه قال: أما أنا فلا أرى أن تورث مبتوتة قلنا: ما ادعينا في المسألة إجماعا فيرتفع بخلاف ابن الزبير وإنما قلنا: هو قول الأكثرين، ولأنه لما كان المريض ممنوعاً من التصرف فيما زاد على الثلث لما فيه من إضرار الوارث فكان أولى أن يكون ممنوعا من إسقاط الوارث، ولأن التهمة في الميراث تهمتان تهمة في استحقاقه وتهمة في إسقاطه فلما كانت التهمة في استحقاقه وهي تهمة القاتل رافعة لاستحقاقه الميراث وجب أن تكون التهمة في إسقاطه بالطلاق رافعة لإسقاط الميراث.

فصل: فأما إذا أقر في مرضه الطلاق في صحته لم ترثه، وكان إقراراً في المرض لا طلاقاً، وقال أبو حنيفة ومالك: هو طلاق في المرض وترث، وهذا ليس بصحيح, لأن الإقرار بالعقد لا يكون عقداً، وان صار بالإقرار لازماً فكذلك الإقرار بالطلاق لا يكون طلاقاً وإن صار بالإقرار لازماً ولو أنه حلف لا يطلقها فأقر بتقديم طلاقها لم يحنث, لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>