لها, لأن وقوع طلاقه كان قبل مرضه فصار طلاقاً في الصحة ألا ترى لو قال لعبده أنت حر في أخر أوقات صحتي المتصل بأول أسباب موتي كان عتقه إن مات من وأس المال دون الثلث.
فرع:
وإذا طلقها في مرضه باختيارها مثل أن يخالعها أو تسأله الطلاق فيطلقها، أو يعلق طلاقها بمشيئتها، فتشاء الطلاق فلا ميراث لها في هذه الأحوال كلها، وبه قال أبو حنيفة وقال مالك: لها الميراث إن اختارت الطلاق، لأنه طلاق في المرض، وهذا فاسد: لأن توريثها إنما كان لاتهامه في حرمانها وقصد الإضرار بها وهذا المعنى مرتفع باختيارها وسؤالها، فلو علق طلاقها في مرضه بصفة من صفة أفعالها ففعلت ذلك وطلقت، نظرت فإن كان ذلك الفعل مما لا بد لها منه كقوله لها: إن أكلت أو شربت فأنت طالق، فلا تجد بداً من الأكل والشرب فإذا فعلت ذلك لم يدل على اختيارها الطلاق فيكون لها الميراث، وهكذا لو قال لها: أنت طالق إن صليت الفرائض أو صمت شهر رمضان فصلت وصامت، كان لها الميراث، لأنها لا تجد بداً من الصلاة والصيام، ولكن لو قال لها: إن أكلت هذا الطعام أو لبست هذا الثوب أو كلمت هذا الرجل، أو دخلت هذه الدار أو تطوعت بصلاة أو صيام فأنت طالق ففعلت ذلك طلقت ولا ميراث لها, لأن لها من ذلك كله بدأ فصارت مختارة لوقوع الطلاق إلا أن لا تعلم يمينه فترث، لأنها غير مختارة للطلاق.
فرع:
وإذا طلق المريض زوجته وكانت ذمية فأسلمت أو أمة فأعتقت لم يرث: لأنه لو مات وقت طلاقها لم ترث فصار غير متهم ولو طلقها بعد إسلامها وعتقها ورثت: لأنه متهم إلا أن لا يعلم بإسلامها ولا بعتقها حين طلقها فلا ترث: لأنه غير متهم، فلو قال لها السيد: أنت حرة غد وطلقها الزوج في يومه ورثت, لأنه متهم حين علم بعتقها فإن لم يعلم فلا ميراث، ولو قال لها الزوج: أنت طالق في غد فأعتقها السيد في يومه فلا ميراث لها ولو قال لها الزوج: أنت طالق: لأنه غير متهم حين طلقها فلو قال لها السيد أنت حرة في غد فلما علم الزوج بذلك قال لها: أنت طالق في غد ففيه وجهان:
أحدهما: لها الميراث لاتهامه فيه.
والثاني: لا ميراث لها, لأن العتق والطلاق يقعان معاً في حال واحدة فلم تستحق الميراث بطلاق لم يتقدم عليه الحرية.
فرع:
وإذا طلقها في مرضه فارتدت عن الإسلام ثم مادت إليه لم ترثه وبه قال أبو حنيفة. وقال مالك: ترثه وهذا خطأ لأمرين: