تعالى البنت على النصف وهم يجعلون للبنت إذا كانت بنت ابن النصف والسدس، والنص يدفع هذا، ولأن الشخص الواحد لا يجتمع له فرضان مقدران من ميت واحد كالأخت للأب والأم لا تأخذ النصف بأنها أخت لأب والسدس بأنها أخت لأم، ولأن كل نسب أثبت الله تعالى به التوارث جعل إليه طريقًا كالبنوة والمصاهرة فلما لم يجعل إلى اجتماع هاتين القرابتين وجهًا مباحًا دل على أنه لم يرد اجتمع التوارث منهما وقد يتحرر منه قياسان:
أحدهما: أن ما منع الشرع من اجتماعهما في بدن واحد لم يجتمع التوارث بهما كالخنثى لا يرث بأنه ذكر وأنثى.
والثاني: أن سبب الإرث إذا أحدث عن محظور لم يجز التوارث به كالأخت إذا صارت زوجة واستدل بأن مجوسيًا لو ترك أختًا وأمًا هي أخته لم يخل أن تحجب الأم إلى السدس أو لا تحجب، فإن لم تحجب فقد كمل فرض الأم مع الميراث الأختين حجبت والله تعالى قد حجبها بغيرها وهم قد حجبوها بنفسها وذلك مخالف لحجب الله تعالى وحكم الشرع.
فأما الجواب عن استدلالهم بالظاهر فهو حمل المقصود بها على انفراد الأسباب اعتبارًا بالعرف المعتاد دون النادر الشاذ وليس يجوز حملها على ما حظره الشرع ومنع العرف دون ما جاء الشرع به واستقر العرف عليه وقرابات المجوس الحادثة عن مناكحهم لم يرد بها شرع ولم يستقر عليها عرف، وبهذا يجاب عن قياسهم على ابني أحدهما أخ لأم، لأن الشرع إباحة والعرف استمر فيه.
وأما استدلالهم بأن اجتماع القرابتين يفيد أحد أمرين من تقديم أو تفضيل ففاسد بالأخت من الأب والأم مع الزوج يأخذ النصف الذي تأخذه الأخت للأب على أن جميعها بين القرابتين من مساواة الأمرين.
فصل: فإذا ثبت توريث ذي القرابتين من المجوس أو من وطء الشبهة بأقواهما، نظرت فإن كانت إحداهما تسقط الأخرى فالمسقطة هي الأقوى والتوريث بها أحق، وإن كانت إحداهما لا تسقط الأخرى فالتوارث يكون بأقواهما واجتماع القرابتين التي يستحق التوارث بكل واحدة منها في مناكح المجوس يكون في ست مسائل:
إحداها: أب هو أخ، وهذا لا يكون إلا أخًا لأم فهذا يرث لكونه أبًا، لأن الأخ يسقط مع الأب.
والثانية: ابن هو ابن ابن فهذا يرث بأنه ابن.
والثالثة: بنت هي بنت ابن فهذه ترث بأنها بنت.
والرابعة: أم هي أخت وهذه لا تكون إلا أختًا لأب فترث بأنها أم، لأن ميراث الأم أقوى من ميراث الأخت، لأنها ترث مع الأب، والابن، والأخت تسقط معهما.