الحسن بن كثير عن أبيه أن رجلًا من أهل الشام مات فترك أولادًا رجالًا ونساء فيهم خنثى فسألوا معاوية فقال ما أدري ائتوا عليًا بالعراق قال: فأتوه فسألوه فقال: من أرسلكم، فقالوا: معاوية، فقال: يرضى بحكمنا وينقم علينا بوله فمن أيهما بال فورثوه.
فإن بال منهما فقد اختلف الناس منه فقال أبو حنيفة صاحباه: أعتبر أسبقهما وأجعل الحكم له قال أبو الحسن بن اللبان الفرضي: وقد حكاه المزني عن الشافعي ولم أر هذا في شيء من كتب المزني، وإنما قال الشافعي ذلك في القديم حكاية عن غيره ثم رد عليه، ومذهبه الذي صرح به أنه لا اعتبار بأسبقهما، ولو اعتبر السبق كما قالوا: لاعتبر الكثرة كما قال أبو يوسف وقد قال أبو حنيفة لأبي يوسف حين قال: أراعي أكثرهما أفتكيله؟ وحكي عن الحسن البصري أن الخنثى إذا أشكل حاله اعتبرت أضلاعه فإن أضلاع الرجال ثمانية عشر، وأضلاع المرأة سبعة عشر وهذا لا أصل له لإجماعهم على تقديم المال على غيره فسقط اعتباره.
فصل: فإذا تقرر أن خروج البول منهما يقتضي أن يكون مشكلًا فقد اختلف الفقهاء في ميراثه فمذهب الشافعي أنه يعطي الخنثى أقل نصيبه من ميراث ذكر أو أنثى، وتعطي الورثة المشاركون له أقل ما يصيبهم من ذكر أو أنثى ويوقف الباقي حتى يتبين أمره، وبه قال داود وأبو ثور، وقال أبو حنيفة أعطيه أقل ما يصيبه من ميراث ذكر أو أنثى وأقسم الباقي بين الورثة، ولا أوقف شيئًا، وسئل مالك عن الخنثى فقال: لا أعرفه إما ذكرًا أو أنثى، وروي عنه أنه جعله ذكرًا، وروي عنه أنه أعطاه نصف ميراث ذكر ونصف ميراث أنثى، وهذا قول ابن عباس والشعبي وابن أبي ليلى والأخير من قول أبي يوسف.
فإن ترك خنثين: قال أبو يوسف إن لهما حالين حالًا يكونان ذكرين وحالًا يكونان أنثيين وأعطيه نصف الأمرين، وهكذا يقول في الثلاثة وما زادوا، وقال محمد بن الحسن: أنزل الخنثين أربعة أحوال: ذكرين وأنثيين والأكبر ذكر والأصغر أنثى، أو الأكبر أنثى والأصغر ذكرًا، وأنزل الثلاثة ثمانية أحوال والأربعة ستة عشر حالًا، والخمسة انثتين وثلاثين حالًا.
وما قاله الشافعي من دفع الأقل إليه ودفع الأقل إلى شركائه، وإيقاف المشكوك فيه أولى الأمرين:
أحدهما: أن الميراث لا يستحق إلا بالتعين دون الشك وما قاله الشافعي يعين وما قاله غيره شك.
والثاني: أنه لما كان سائرًا أحكامه سوى الميراث لا يعمل فيها إلا على اليقين، فكذلك الميراث، فعلى هذا لو ترك الميت ابنًا وولدًا خنثى فعلى قول الشافعي للابن