للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خبر النهي على الوقت الذي كان المؤذن واحداً، ويحمل خبر الجواز على الوقت الذي كان المؤذن اثنين، فإذا تقرر هذا، فكم يجوز التقديم؟ فيه أوجه:

أحدها: وهو الأصح أول وقت أذانها إذا انتصف الليل ولم يذكر أهل العراق غير هذا القول، لأنه لو أذن قبله لشبه بأذان العشاء، ولا يحتاج أيضاً في النصف الأول إلى سبب من أسباب صلاة الفجر بحال.

والثاني: يجوز أذانها بعد ثلث الليل فإنه أخر وقت العشاء اختياراً.

والثالث: يجوز في جميع الليل إلا أن المستحب أن يؤخره عن وقت الاختيار للعشاء حتى لا يخلط بأذان العشاء فيقع الغلط.

والرابع: يجوز ما لم يتباعد عن الصبح وقدروا ذلك بوقت السحر، وتارة بالثلث الآخر من الليل [١٢ ب/ ٢] ووقت السحر المسنون إذا بقي من الليل سدسه.

وقال صاحب «التقريب»: المستحب تقديم الأذان على وقتها، وإن كان مرة، لأن الشافعي قال في موضع: «فإن أذن قبل الفجر، ولم يعد بعده، فلا بأس» لأن ذلك كان وقته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقوله: (لأن ذلك كان وقته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) دليل على أن التقديم أحب وعلى هذا يدل كلام القاضي الطبري في «الخلافيات». وما تقدم أصح.

وأما الإقامة، فلا يجوز تقديمها على الوقت بحال.

والفرق بينها وبين الأذان للصبح أن الإقامة تراد لاستفتاح الصلاة، ولا يجوز قبل وقت الافتتاح والأذان يراد للإعلام، ويدخل في وقت الصبح، والناس نيام، منهم الجنب المحدث فاحتيج إلى تقديم الأذان ليتأهبوا للصلاة بخلاف أذان سائر الصلوات.

فإذا تقرر هذا قال الشافعي رحمه الله: «وليس ذلك بقياس»، قيل: معناه ليس بقياس على سائر الصلوات، ولم يرد به أن القياس يخالفه، ولا يساعده لما ذكرنا من المعنى.

وقيل: أراد ليس بقياس جلي، ولكنه قياس شبه. وقيل: أراد تركت القياس فيه للخبر بخلاف ما قال أبو حنيفة، فإنه قال بالقياس وترك الخبر ثم قال: واعتمد في ذلك على إمامة جبريل عليه السلام بالنبي صلى الله عليه وسلم ولما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك قري، واعتمد بنصب الدال وقري واعتمد بالرفع فالنصب. ذكره على وجه الخبر، يعني: قال

<<  <  ج: ص:  >  >>