للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عشر من إبلي لم يعط إلا من الإناث، لأن عددها بإسقاط التاء. ألا ترى أنه يقال: عشر نسوة، وعشرة رجال. وهذه الأوجه له، لأن اسم الإبل إذا كان يتناول الذكور والإناث تناولًا واحدًا، صار العدد فيها محمولًا على القدر، دون النوع وأما إذا قال: أعطوه مطية، أو راحلة. فذلك يتناول الذكور والإناث، فيعطيه الوارث منهما ما شاء والله أعلم.

مسألة:

قال الشافعي -رحمه الله تعالى-: «فإن قال أعطوه دابة من مالي فمن الخيل أو البغال أو الحمير ذكرًا كان أو أنثي صغيرًا أو كبيرًا أعجف أو سمينًا».

قال في الحاوي: وهذا صحيح. أما اسم الدواب: فينطلق على كل ما دب على الأرض من حيوان اشتقاقًا من دبيبه عليها، قال الله تعالى: {ومَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: ٦] غير أنه في العرف مختص ببعضها، فإن قال: أعطوه دابة من دوابي، قال الشافعي: يعطي من الخيل أو البغال، أو الحمير.

واختلف أصحابنا: فكان أبو العباس بن سريج يحمل ذلك على عرف الناس بمصر، حيث قال ذلك فيهم، وذكره لهم اعتبارًا، لأن اسم الدواب في عرفهم منطلق على الأجناس الثلاثة من الخيل، والبغال، والحمير. فأما بالعراق والحجاز، فلا ينطلق إلا على الخيل ولا يتناول غيرها إلا مجازًا بعرف بقرينته، فإن كان هذا الموصي بمصر: خير ورثته بين الخيل والبغال والحمير، وإن كان بالعراق: لم يعطوه إلا من الخيل. وقال أبو إسحاق المروزي، وأبو علي بن أبي هريرة بل الجواب محمول على ظاهرة في كل البلاد، لأن اسم الدواب ينطلق على هذه الأجناس الثلاثة من الخيل، والبغال، والحمير. فإن شذ بعض البلاد بتخصيص بعضها بالاسم لم يعتبر به حكم العرف العام. فلو فرق ذلك بما يدل على التخصيص، حمل على قرينته، كقوله: أعطوه دابة يقاتل عليها، فلا يعطي إلا من الخيل عتيقًا، أو هجينًا، ذكرًا أو أنثي، ولا يعطي صغيرًا ولا قمحًا لا يطيق الركوب. ولو قال دابة يحمل عليها: أعطي من البغال، أو الحمير دون الخيل. ولو قال دابة ينتفع بنتاجها: أعطي من الخيل أو الحمير دون البغال، لأنها لا نتاج لها. ولو قال دابة ينتفع بدرها وظهرها: لم يعط إلا من الخيل، لأن لبنها من لبن غيرها من البغال والحمير: محظور.

ولو قال: دابة من دوابي، ولم يكن في ماله إلا أحد الأجناس لم يعط غيره. ولو كان في ماله جنسان: أعطاه الوارث أحدهما، ولم يعطه الثالث الذي ليس من ماله، ولو قال دابة من مالي وكان في ماله أحد الأجناس. كان الوارث بالخيار، في إعطائه ذلك الجنس، أو العدل عنه إلى أحد الجنسين الآخرين شراء من غير ماله.

<<  <  ج: ص:  >  >>