للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخر وقت العصر لأنها تقضى كما تجمع، وكذلك في العشاء، وأما وقت الضرورة فما ذكره، فإذا تقرر هذا، فلا خلاف أن هؤلاء لو أدركوا [١٣ ب/ ٢] من وقت العصر ركعة قبل الغروب أو من وقت العشاء ركعة قبل طلوع الفجر أو من وقت الصبح ركعة قبل طلوع الشمس يلزم هؤلاء فرض الصلاة، فإن أدركوا أقل من ركعة فيه قولان:

أحدهما: تجب الصلاة بمقدار تكبيرة الافتتاح، نص عليه في كتاب استقبال القبلة في باب التلبية على الفعل في «الجديد». وبه قال أبو حنيفة. وقال القاضي أبو حامد: هذا أشهر القولين، وهو اختيار أبي حامد ووجه أنه أدرك جزءاً من الوقت بعد زوال عذره فأشبه إذا أدرك مقدار ركعة ويؤكده أنه يعتبر فيه إدراك الحرمة دون الفعل، لأنه لو أدرك الوقت، ولم يفعلها يلزمه ذلك، فاستوى فيه القليل والكثير كإدراك حرمة الجماعة.

والقول الثاني: لا يلزمه الصلاة بإدراك دون ركعة ثانية، نص عليه في «القديم». وذكر المزني أنه سمعه منه لفظاً، وهو اختيار المزني. وبه قال مالك، وقال أبو إسحق: هذا أشهر القولين، وهكذا ذكره القاضي الطبري ووجهه ما احتج به المزني، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر»، فعلق الإدراك بركعة، وأيضاً الجمعة لا تدرك إلا بإدراك ركعة فكيف يكون مدركاً للعصر معاً بتحريمه؟.

والجواب عن هذا أن نقول: أما الخبر فوارد في إدراك الفعل، أو أراد به من أدرك شيئاً في الجملة. وهذا احتجاج من المزني لمفهومه لا لمنطوقه، فلا حجة فيه ظاهراً. وأما المعنى قلنا: ذلك إدراك إسقاط، فإنه يسقط عن نفسه ركعتين بذلك، فلا بدَّ من إدراك الركوع كما لا يسقط القيام والقراءة عن المأموم إلا بإدراك الركوع وهذا إدراك إلزام، فيحصل بأدنى شيء. لمسافر إذا أدرك من صلاة المقيم أدنى شيء يلزمه صلاة [١٤ أ/ ٢] المقيم. فإذا تقرر هذا نقل المزني أن هؤلاء إذا تغيرت حالهم قبل مغيب الشمس بركعة أعادوا الظهر والعصر، ونقل بعده إن أدرك الإحرام صلاهما فاستعمل لفظ الإعادة عند إدراك ركعة. ولفظ الصلاة عند إدراك تحريمة، وأوهم مع هذين قولين في «الجديد». وهما غلطان اثنان:

<<  <  ج: ص:  >  >>