يصرح بالرد، حتى تنفذ الوصايا، وتقسم التركة، لأنه لما لم يعتبر القبول مع الوصية، اعتبر نفاذ الوصية.
وحكي أبو القاسم بن كج عن بعض أصحابنا أن القبول بعد علمه على الفور، لأنها عطية كالهبات. وحكي ابن عبد الحكم عن الشافعي قولًا ثالثًا أن الوصية تدخل في ملك الموصي له بغير قبول ولا اختيار، الميراث. فاختلف أصحابنا في تخريجه قولًا ثالثًا للشافعي. فخرجه أبو علي بن أبي هريرة وأكثر المتأخرين من أصحابنا قولًا ثالثًا تعليلًا بالميراث، وامتنع أبو إسحاق المروزي، وأكثر المتقدمين من أصحابنا من تخريجه قولًا ثالثًا، وتأولوا رواية ابن عبد الحكم بأحد تأويلين: إما حكاية عن مذهب غيره، وإما على معني أنه بالقبول يعلم دخولها بالموت في ملكه. وفرقوا بين الوصية والميراث، بأن الميراث عطية من الله تعالى، فلم يراع فيها القبول. والوصية عطية من آدمي، فروعي فيها القبول. فهذه مقدمات المسألة.
فصل: فإذا تقررت المقدمات، فصورة المسألة في رجل تزوج أمة رجل ثم أوصي السيد بها للزوج. فلا يخلو حال الزوج من أن يقبل الوصية بها بعد موت الموصي أو يرد، فإن رد الوصية ولم يقبلها: فالنكاح بحاله والأمة ملك لورثة الموصي وأولادها موقوفون لهم. فإن قبل الوصية فلا يخلو حالها من أن تأتي بولد، أو لا تأتي بولد، أو لا تأت فإن لم تأت بولد فالنكاح قد بطل بالملك، لأن النكاح والملك تتنافي أحكامهما، فلم يجتمعا، وغلب حكم الملك، لأنه أقوى.
فإن قيل بالقبول قد ملك: انفسخ نكاحها حين القبول، وكان الوطء قبله وطئًا في نكاح، وبعده وطئًا في ملك، ولا استبراء عليه بحدوث الملك، لأنها لم تزل فراشًا له. فإن قيل القبول يبني عن ملك سابق من حين الموت، انفسخ نكاحها حين الموت، وكان وطئه قبل الموت وطئًا في نكاح وبعد الموت وطئًا في ملك. فإن قيل فلم قال الشافعي، على هذا القول، لأن الوطء قبل القبول وطء نكاح وبعد القبول وطء ملك وهو قبل القبول وبعده وطء ملك. وإذا كان بعد الموت؟ ففيه ثلاثة أجوبة:
أحدها: أنه غلظ من المزني في النقل.
والثاني: أنه منقول من القول الأول أنه بالقبول يملك.
والثالث: أن معناه أن الوطء قبل زمان القبول وطء نكاح يعني قبل الموت.
فصل: وإن أتت بولد. فعلي ثلاثة أقسام:
أحدها: أن تضعه قبل موت الموصي.
والثاني: أن تضعه بعد موت الموصي، وقبل قبول الموصي له.
والثالث: أن تضعه بعد قبول الموصي له.
فأما الأول: وهو أن تضعه قبل موت الموصي فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يكون موجودًا عند الوصية.