أحدها: أن تنهدم في حياة الموصي.
والثاني: بعد موته، وبعد قبول الموصي له.
والثالث: بعد موته، وقبل قبول الموصي له.
فإن انهدمت في حياة الموصي، فهذا على ضربين:
أحدها: أن يزول اسم الدار عنها بالانهدام.
والثاني: أن لا يزول، فإن لم يزل اسم الدار عنها لبقاء بنيان فيها يسمي به دارًا: فالوصية جائزة، وله ما كان ثابتًا فيها من بنيانها.
فأما المنفصل عنها بالهدم، فالذي نص عليه الشافعي: أنه يكون خارجًا عن الوصية.
فذهب جمهور أصحابنا إلى حمل ذلك على ظاهره، وأنه خارج عن الوصية، لأن ما انفصل عنها دارًا، فلم يكن للموصي له بالدار فيه حق.
وحكي عن أبو القاسم بن كج وجهًا آخر عن بعض أصحابنا أن نص الشافعي على خروج ما انهدم من الوصية محمول على أنه هدمه بنفسه فصار ذلك رجوعًا فيه.
ولو انهدم بسبب من السماء، لا ينسب إلى فعل الموصي وكان ما انفصل بالهدم للموصي له مع الدار؛ لأنه منها، وإنما بان عنها بعد أن تناولته الوصية، وإن كانت الدار بعد انهدامها، لا تسمي دارًا، لأنها صارت عرصة لا بناء فيها، ففي بطلان الوصية وجهان:
أحدهما: لا تبطل وهذا قول من جعل الآلة بعد انفصالها ملكًا للموصي له.
والثاني: أن الوصية بها باطلة، وهو الأصح، لأنها صارت عرصة لم تسم دارًا. ألا ترى لو حلف لا يدخلها، لم يحنث بدخول عرصتها، بعد ذهاب بنائها. وهذا قول من جعل ما انفصل عنها، غير داخل في الوصية.
فإن كان انهدامها بعد موت الموصي، وبعد قبول الموصي له، فالوصية بها ممضاة، وجميع ما انفصل من آلتها كالمتصل، يكون ملكًا للموصي له لاستقرار ملكه عليه بالقبول.
فصل: فأما إن كان انهدامها، بعد موت الموصي، وقبل قبول الموصي له: فإن لم يزل اسم الدار عنها: فالوصية بحالها، فإن قبلها الموصي له فإن قيل إن القبول يبني على تقدم الملك بموت الموصي، فكل ذلك ملك للموصي له، المنفصل منها، والمتصل.
فإن قيل إن القبول هو الملك فله ردها وما اتصل بها من البناء، وفي المنفصل وجهان:
أحدهما: للموصي له.
والثاني: للوارث.