(فأما) الجواب عن استدلالهم بالتهمة ودخول الضرر فهو أن التهمة تبعد عمن هو في مرض موته؛ لأنه في الأعلب يقصد وجه الله عز وجل والضرر لا يمنع من جواز العقود كالبيع، ولأنه إن كان ضررًا لورثته فهو منفعة لنفسه وهو أحق بمنفعة نفسه من منفعة ورثته.
فأما الجواب عن استدلالهم بأن فيه مزاحمة لبعض الورثة «ودفع» لبعضهم فهو أن ما لم يمنع الصحة منه لم يمنع المرض منه كالإقرار بوارث وكالاستيلاء للأمة.
فصل: فإذا ثبت إباحة النكاح في المرض، فله أن يتزوج ما أباحه الله تعالى من واحدة إلى أربع، كهو في الصحة، ولهن الميراث، إن مات من ذلك المرض أو غيره.
وأما الصداق، فإن كان مهرهن، صدق أمثالهن، فلهن الصداق مع الميراث. وغن كانت عليه ديوان، شاركهن الغرماء في التركة، وضربن معهم بالحصص. وإن تزوجهن، أو واحدة منهن، بأكثر من صداق مثلها، كانت الزيادة على صداق المثل وصية في الثلث.
فإن كانت الزوجة وارثة ردت الوصية، لأنه وصية لوارث. وإن كانت غير وارثة لرق أو كفر، دفعت الزيادة إليها، إن احتملها الثلث، وما احتمله منها يتقدم منها على الوصايا كلها، لأنها عطية في الحياة. وهكذا لو كانت الزوجة حرة مسلمة، فماتت قبله، صحت الزيادة لها، إن احتملها الثلث، لأنها بالموت قبله، غير وارثة.
فلو كانت حين نكاحها في المرض أمة، أو ذمية، فأعتقت الأمة، وأسلمت الذمية، صارت وارثة، ومنعت من الزيادة على صداق مثلها، ولو صح المريض من مرضه، ثم مات من غيره أو لم يمت، صحت الزيادة على صداق المثل من رأس المال لوارثه، وغير وارثه.
فعلي هذا: لو تزوج في مرضه ذمية على صداق ألف درهم، وصداق مثلها خمسمائة، ومات، ولا مال له غير الألف التي هي صداقها: أعطيت من الألف ستمائة وستة وستين درهمًا وثلث درهم؛ لأنها لها خمسمائة من المال، وتبقي خمسمائة هي جميع التركة، وهي الوصية لها، فأعطيت ثلثها، وذلك مائة درهم وستة وستون درهمًا، وثلث درهم، تأخذها مع صداق مثلها.
ولو خلف الزوج مع الصداق خمسمائة درهم: صارت التركة بعد صداق المثل ألف درهم، فلها ثلثها، ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون درهمًا وثلث.
ولو خلف مع الصداق ألف درهم، خرجت الزيادة على صداق المثل من الثلث وأخذت الألف كلها.
فصل: فإذا تزوج الرجل في مرضه امرأة على صداق ألف درهم، ومهر مثلها خمسمائة، ثم ماتت المرأة قبله، ثم مات الزوج من مرضه، ولا مال له غير الألف التي أصدقها ولا لها، فإنه يجوز من المحاباة، قدر ما احتمله الثلث، لأنها صارت بالموت