أهل المصر بمثله وسواء باع المريض على وارث أو غير وارث أو اشتري المريض من وارث أو غير وارث.
وقال أبو حنيفة: إذا باع المريض على وارثه كان بيعه مردودًا وإن لم يكن فيه غبن ولا محاباة؛ لنه قد خص بعض ورثته بمال يتساوي فيه.
وهذا فاسد بل بيعه عليه لازم إذا لم يكن فيه محاباة ولا غبن، لأن اعتراض الورثة على المريض في المقدار لا في الأعيان ألا تراه لو باع أجنبي بثمن مثله صح البيع مع انتقال العين لحصول المقدار، ولو باعهم بأقل كان لهم فيه اعتراض لنقص المقدار.
فأما إذا حابي المريض في بيعه بما لا يتغابن أهل المصر بمثله، كان ذلك منه عطية في مرضه محلها الثالث إن لم ينقصه به، وإن كان المشتري وارثًا ردت المحاباة، لأنها لا تجوز لوارث.
فعلي هذا: لو باعه عبدًا بمائة درهم والعبد يساوي مائتي درهم فالمائة التي هي ثمنه تقابل نصف قيمته فصارت المحاباة بنصفه فيقال للوارث لك الخيار في أن تأخذ بالمائة نصف العبد وهو قدر مثلها محاباة فيه، ويكون النصف الآخر الذي هو المحاباة مردودًا إلى التركة. وإنما كن له الخيار، لأنه عاقد بالمائة على جميع العبد فوصل له نصفه.
ولو كان العبد يساوي مائة وخمسين درهمًا وقد باعه عليه بمائة درهم كان له الخيار في أحد ثلثي العبد بمائة درهم ورد ثلثه الذي هو قدر المحاباة أو يفسخ البيع ويسترجع المائة وله بدل الباقي للورثة قيمة ما زاد بالمحاباة من نصف أو ثلث لم يجيزوا عليه، لأن العقد فيه قد بطل فلم يلزمهم أن يستأنفوا معه عقدًا فيه إلا عن مراضاة، وإنما يملك عليهم بعقد البيع ما لا محاباة فيه.
وكان أبو القاسم الداركي يحمل صحة البيع فيما لا محاباة فيه على القول الذي يجوز فيه تفريق الصفقة فأما على القول الذي لا يجوز فيه تفريق الصفقة فيجعل البيع في الجميع باطلًا وليس كما قال، لأن قدر المحاباة في حكم الهبة وما لا محاباة فيه بيع لم تفترق صفته، فكذلك صح العقد فيه قولًا واحدًا وإن ثبت فيه خيار وإن كان المشتري أجنبيًا كان قدر المحاباة في الثلث فإن احتملها الثلث أمضي البيع في الجميع وإن عجز الثلث عنها أمضي منه قدر ما احتمله الثلث وعلى هذا لو باع على الأجنبي عبدًا بمائة درهم والعبد يساوي مائتي درهم فالمحاباة هي نصف العبد وقيمة نصفه مائة درهم، فإن خلف البائع مع هذا العبد مائة درهم خرجت المحاباة كلها من الثلث وأخذ المشتري العبد بمائة درهم وقدر المحاباة نصفه بمائة درهم وحصل مع الورثة مائتنا درهم مائة منها ثمن، ومائة منها تركة، وهما مثلي المحاباة، فلو وجد المشتري بالعبد عيبًا فأراد رده، فله ذلك ويسترجع المائة التي دفعها ثمنًا فلو قال: أرد نصف المائة وأخذ نصف بالمحاباة لم يكن له ذلك، لأنها محاباة في عقد فلم يصح ثبوتها مع ارتفاع العقد.
فأما إذا لم يخلف البائع غير العبد الذي باعه بمائة وقيمته مائتان فالمحاباة بنصفه