بالذكر، وزال احتمال التشريك بقوله فقد أوصيت به للثاني فصار ذلك صريحًا في الرجوع.
فأما الوكالة: فمن أصحابنا من ضيق عليه الفرق فجعل ذلك رجوعًا في توكيل الأول، ومنهم من فرق بينهما بأن الوكالة نيابة فصح أن يوكل كل واحد من الجماعة في كل البيع، والوصية تمليك لا يصح أن يملك كل واحد من الجماعة كل الوصية. فكان هذا فرقًا بين الوكالة وبين الوصية.
فصل: فإذا تقرر أن يكون رجوعًا عن الأول إلى الثاني، فسأل الأول إحلاف الثاني أن الموصي أراد به الرجوع، لم يكن له عليه يمين، لأن الرجوع في هذا إلى لفظ الموصي فيما احتمله من المعني دون إرادته.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله تعالى:«ولو أوصي أن يباع أو دبره أو هبه كان هذا رجوعًا».
قال في الحاوي: قد ذكرنا أن للموصي الرجوع في وصيته متى شاء، وأن الرجوع قد يكون بقول، أو دلالة أو فعل.
فأما القول فهو أن يقول صريحًا: رجعت في وصيتي أو قد أبطلتها، فيكون ذلك رجوعًا منه وتبطل به وصيته.
وأما دلالة الفعل فقد ذكر الشافعي في هذا الفصل ثلاث مسائل:
إحداها: أن يوصي ببيعه.
والثانية: أن يدبره.
والثالثة: أن يهبه.
فأما البيع فعلي ضربين:
أحدهما: أن يتولاه في حياته.
والثاني: أن يوصي به بعد موته، فإن باعه في حياته كان هذا رجوعًا، لأن الوصية إنما تصح إذا انتقلت عنملك الموصي بموته إلى مالك الموصي له بقبوله والبيع قد أزال ملكه عنها فلم يصح بقاء الوصية به.
فلو اشتراه بعد بيعه: لم تعد الوصية به لبطلانها بالبيع وخالف المفلس إذا اشتري ما باعه في رجوع به في أحد الوجهين.
والابن إذا اشتري ما باعه في هبة أبيه في رجوع الأب به في أحد الوجهين.
والفرق بينهما: أن رجوع الأب فيما وهبه لابنه ورجوع البائع على المفلس بعين