والثاني: وهو قول أبي إسحاق المروزي، أنه يكون جميعه مدبرًا ورجوعًا عن الوصية، لأن عتق التدبير ناجز بالموت، فيقدم على الوصايا، كالناجز من العطايا.
وإن قدم تدبيره، ثم أوصي به، فإن قلنا: إن التدبير عتق بصفة، لا يجوز الرجوع فيه، كان على تدبيره، وكانت الوصية باطلة، وإن قلنا: إنه كالوصايا، نظر: فإن قال العبد الذي دبرته قد أوصيت به لزيد: كان رجوعًا في تدبيره، وموصي بجميعه، وإن لم يكفل ذلك ففيه وجهان:
أحدهما: وهو قول ابن أبي هريرة: أنه يكون نصفه باقيًا على تدبير ونصفه موصيًا به.
والثاني: وهو قول أبي إسحاق المروزي، أن تدبيره، أقوى من الوصية ويكون على التدبير.
ولو أوصي بعتقه: ففيه وجهان:
أحدهما: يكون رجوعًا عن الوصية الأولى، وموصًا بعتق، وهذا قول أبي إسحاق المروزي.
والثاني: يكون رجوعًا عن الوصية بصفة، وموصًا بعتق نصفه، وهذا قول ابن أبي هريرة.
ولو قدم الوصية بعتقه، أوصي به لزيد ففيه وجهان:
أحدهما: يكون موصًا بعتقه، والوصية به بعد ذلك باطلة.
والثاني: أن نصفه يكون موصًا بعتقه، ونصفه موصًا بملكه.
فصل: وأما المسألة الثالثة: وهو أن يهب ما أوصي به، فهذا ينظر فإن أقبضه في الهبة: كان رجوعًا في الوصية، لإخراجه بالقبض عن ملكه وإن لم يقبضه ففي كونه رجوعًا وجهان:
أحدهما: وهو قول أبي إسحاق المروزي وأبي علي بن أبي هريرة: يكون رجوعًا، لأنه قد عقد فيه عقدًا يقضي إلى زوال الملك مخالفًا لما قصده من قبل.
والثاني: وهو قول بعض المتأخرين من البغداديين: أنه لا يكون رجوعًا، لأنه لم يؤثر في ملكه، فلم يؤثر في رجوعه.
ولو وهبه فاسدة: ففي كونه رجوعًا ثلاثة أوجه:
أحدها: يكون رجوعًا قبض أو لم يقبض، وهذا قياس قول أبي إسحاق المروزي.
والثاني: لا يكون رجوعًا قبض أو لم يقبض، لبقائه على ماله.
والثالث: أنه إن أقبض كان رجوعًا، وإن لم يقبض لم يكن رجوعًا، لأن في القبض تصرفًا بيانيًا.
وهكذا لو رهنه كان في كون الرهن رجوعًا في الوصية ثلاثة أوجه: