فوطء جارية له فإن كان يعزل عنها فهو غير متسر، ولا حنث عليه وغن لم يعزل عنها فهو متسر، وقد حنث.
قال: فلما جعل المتسري طلب الولد لا الاستمتاع دل على الفرق بينهما، وكان طلب الولد رجوعًا في الوصية دون الاستمتاع.
فصل: ولو كان الموصي به أرضًا فزرعها: لم يكن رجوعًا، لأن الزرع لا يتبقي ولو بني فيها أو غرسها: ففيها وجهان:
أحدهما: يكون ذلك رجوعًا، فعلى هذا إن كان البناء والغرس في جميعها: كان رجوعًا في الجميع، وغن كان في بعضها: كان رجوعًا فيما غرسه وبناه، دون ما لم يغرسه ولم يبنه.
والثاني: لا يكون رجوعًا، لأن ذلك من استيفاء منافعها، فعلي هذا تكون الوصية فيما بين البناء والغرس من بياض الأرض بحالها.
فأما أساس البناء، وقرار الغرس، ففيه وجهان:
أحدهما: لا يكون رجوعًا، وإذا تلف الغرس، وانهدم البناء: عاد إلى الموصي له.
والثاني: يكون رجوعًا، لأنه قد صار تباعًا لها عليه ومستهلكًا به.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله تعالى: «ولو كان الموصي به قمحًا فخلطه بقمح أو طحنه دقيقًا فصيره عجينًا كان أيضًا رجوعًا».
قال في الحاوي: وهذه ثلاث مسائل.
أحدها: إذا أوصي له بحنطة فخلطها بحنطة أخرى كان هذا رجوعًا، لأن الوصية كانت بحنطة معينة، وبخلطها قد تعذر الوصول إلى عينها، سواء خلطها بمثلها في الجودة أو بأجود أو بأردأ. وإن خلها بغير جنسها فلا يخلو من أحد أمرين:
أما إن يكون مما يشق تمييزه أو لا يشق، فإن خلطها بما يشق تميزه منها كحنطة أخلط بها شعيرًا، أو أرزًا أو عدسًا: فهذا رجوع، لأنه خلط بما لا يتميز.
وإن خلطها بما لا يشق تمييزه كالجوز، واللوز، لم يكن رجوعًا كما لو أحرزها ولو نقل الحنطة عن البلد إلى غيره فهذا على ضربين:
أحدهما: أن ينقلها إلى ما هو أقرب على بلد الموصي له، فهذا لا يكون رجوعًا، لأنه يدل على الحرص وتمامها.
والثاني: أن ينقلها إلى بلد هو أبعد إلى الموصي له من البلد الذي كانت فيه فهذا على ضربين: