ولم لم يتطاول وكان يومًا أو يومين لكن كان البطن متخرقًا بعجلة، فلا يقدر على حبسه كان مخوفًا، وهكذا لم يكن متخرقًا لكن كان معه زخير وتقطيع دم، أو ألم يمنعه من النوم فهو مخوف.
وأما إن كان معه في اليوم أو اليومين دم فقد نقل المزني في مختصره هذا:«ويأتي معه الدم عند الخلاء لم يكن مخوفًا».
وقال الشافي في «الأم»: «لا يأتي فيه دم لا شيء غير ما يخرج الخلاء لم يكن مخوفًا فاختلف أصحابنا فكان بعضهم ينسب إلى المزني الخطأ في نقله وجعل خروج الدم مع الإسهال مخوفًا على ما دل عليه كلامه في الأم وحكي الداركي عن أبي إسحاق المروزي، أن النقل صحيح، وأن الجواب مختلف على اختلف حالين، وحملوا نقل المزني على أنه لا يكون مخوفًا إذا كان خروج الدم من بواسير أو بواصير، وما دل عليه كلام الشافعي من أن يكون مخوفًا إذا كان خروج الدم من المخوف والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله تعالى: «وإذا أشكل سئل عنه أهل البصر».
قال في الحاوي: اعلم أن الأمراض ضربان: ضرب يكون العلم به جليًا يشترك في معرفته الخاص والعام، فهذا لا يحتاج في معرفته إلى سؤال أهل العلم به. وضرب يكون العلم به خفيًا يختص به أهل العلم فيسألوا أو يرجع إلى قولهم فيه.
كما أن علم الشريعة ضربان: ضرب جلي يشترك فيه الخاص والعام كالصلوات الخمس وأعداد ركعاتها، وصوم شهر رمضان ووجوبه، فلا يحتاج فيه إلى سؤال العلماء إلا فيما يتفرع من أحكامه وضرب يكون خفيًا فيلزمهم سؤال العلماء عنه إذا ابتلوا به.
ثم إذا لزم سؤال أهل الطب فيما أشكل من الأمراض، لم يقتنع فيه بأقل من عدلين من طب المسلمين، لأنها شهادة. فإن قالوا غالبه التلف جعلت العطايا من الثلث لكونه مخوفًا.
وإن قالوا غالبه السلامة فهو غير مخوف. وهكذا لو قالوا: غالبه الموت بعد زمان طويل فهو غير مخوف. والعطايا فيه من رأس المال.
فلو مات فقال: من شهد بسلامته من الطب أخطأنا قد كنا ظنناه أنه غير موح فبان موحيًا: قبل قولهم، لأن ما رجعوا إليه من هذا القول أمارة دالة وهو الموت، فلو اختلفوا في المرض فحكم بعض بأنه مخوف موح. وقال بعضهم غير مخوف: رجع إلى قول الأعلم منهم فإن استووا في العلم، وأشكل على الأعلم: رجع إلى قول الأكثر منهم عددًا، فإن استووا في العدد رجع إلى قول من حكم بالمخوف، لأنه قد علم من غامض المرض ما خفي على غيره.