للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن تصرف الوصي في المال بعد خروجه منها بأحد هذه الأسباب نظر، فإن كان عقدًا، أو ما يفتقر إلى اجتهاد، رد وكان له ضامنًا إن مات.

وإن كان معينًا من وصية أو دين لا يفتقر إلى اجتهاد: أمضي، ولم يضمنه.

وأما العجز عنها، فالضعف الذي يقدر معه على القيام بها، فهذا مقر على حاله، ولكن على الحاكم أن يضم إليه من أمنائه، من يعنيه على إنفاذ الوصايا، والولاية على الأطفال.

فلو تفرد هذا الوصي قبل أن يضم الحاكم إليه أمينًا، فتصرف في الوصية: أمضي، ولم يضمنه، لأنه ما انفرد به إلا وهو قادر عليه.

وهكذا: لو ابتدئ بالوصية إلى غير أمين: أخرجها الحاكم من يده ولو أوصي إلى ضعيف: ضم إليه غيره من أبنائه، فإن قيل، فهل يلزم الحاكم أن يستكشف عن الأوصياء، وولاة الأيتام أم لا؟

قلنا هذا على ضربين:

أحدهما: يكون فيمن يلي بنفسه من أب، أو جد، فليس للحاكم أن يستكشف عن حاله، وعليه إقراره على ولايته ونظره حتى يثبت عنده، ما يوجب زوال نظره، من فسق أو خيانة، فيعزله حينئذ ويولى غيره، لأن الوالي بنفسه أقوى نظرًا من الحاكم.

والثاني: أن تكون ولايته بغيره، فهذا على ضربين:

أحدهما: أن يكون أمين حاكم.

والثاني: أن يكون وصي أب.

فإنكان أمين الحاكم، لم يجب أن يستكشف عن حاله، إلا أن يثبت عنده خيانته، أو فسقه؛ لأن ما ولاه الحاكم، قد اعتبر من حاله ما صحت به ولايته.

وإن كان وصي اب، ففيه وجهان:

أحدهما: وهو قول أبي إسحاق المروزي: لا يجوز استكشاف حاله، إلا بعد ثبوت فسقه، كالأب وأمين الحاكم.

والثاني: وهو الأصح عندي، أن على الحاكم استكشاف حاله؛ لأنه لم ينفذ بولايته حكم، ولا هو مما تنتفي عنه التهمة، كالأب، وقد يجوز أن يكون بوصف من لا يستحق النظر، فافتقر إلى الكشف.

فصل: وإذا دفع الوصي من ماله للفقراء وصاياهم ليرجع به في التركة، وكان متطوعًا بما دفعه إليهم، وليس له الرجوع به في التركة ما لم يحكم بذلك قبل الدفع حاكم.

وقال أبو حنيفة: إذا عجل ذلك من ماله، ناويًا به الرجوع رجع به. وهذا قول ينكسر عليه، بقضاء دين الحي إذا عجله الوكيل من ماله، لم يرجع به في ماله موكله، فكذلك الوصي.

<<  <  ج: ص:  >  >>