للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالاستخلاف كما لم يبطل بموته ولاية خلفائه من القضاة والولاة. ومن كان خاص النظر بطل موته ولاية خلفائه كالقضاة والولاة. على أن من أصحابنا من جعل صحة استخلاف الإمام بعده لإمام، معتبرصا برضي أهل الحل والعقد ورضاهم أن يعلموا به فلا ينكروه، كما علمت الصحابة باستخلاف عمر رضي الله عنه فجعل إمساكهم عن الإنكار، رضا به انعقدت به الإمامة له. فعلي هذا الوجه: لو استخلف إمامًا بعده، ولم يعلم به أحد من أهل الحل والعقد: لم يصح استخلافه، ولم تنعقد إمامته، إلا أن يجمع عليه ويرضي بعد موت الأول ممن يصح اختياره من أهل الحل والعقد.

وعلى الوجه الأول: قد انعقدت إمامته، وإن لم يعلموا به عند العهد، ولم يتفق عليه أهل الاختيار بعد الموت إذا كان ممن يصح أن يكون إمامًا، وإذا كان كذلك، فالولايات تنقسم ثلاثة أقسام:

ولاية حكم، وولاية عقد، وولاية نسب.

فأما ولاية الحكم فضربان: عامة، وخاصة، فالعامة: الإمامة، ولا تبطل بموت من يقلدها، ولاية مستخلف ولا نظر مستناب.

وأما الخاصة: فالقضاء، ويبطل بموت من يقلده ولاية، لمستخلف ونظر كل مستناب.

وأما ولاية العقد: فضربان: عقد يتضمن نيابة عن حي، وعقد يتضمن نيابة عن ميت.

فالذي يتضمن النيابة عن الحي هو: الوكالة، فإن مات الموكل؛ بطلت وإن مات الوكيل: لو تكن له الوصية.

والذي يتضمن النيابة عن الميت هو: الوصية، فإذا مات الموصي، استقرت ولاية الوصي، وإن مات الوصي: لم يكن له أن يوصي.

وأما ولاية النسب: فضربان: عامة وخاصة.

فالعامة: ولاية الأب والجد على صغار ولده، وتصح منه عند الموت الوصية.

والخاصة: ولاية العصبات في الأبضاع، ولا تصح فيه عند الموت الوصية.

فصل: فإذا ثبت أنه لا يجوز للوصي أن يوصي لم يخل ما تولاه من أمرين:

أحدهما: أن يتمكن من تعجيل إنفاذه، فواجب عليه أن يتولاه بنفسه إن لم يكن راجعًا عن الوصية، لأن إمكان تنفيذها مع ضيق وقتها، والمقام على النظر فيها، يمنع من تأخيرها.

والثاني: أن لا يمكن تعجيل إنفاذه، لما تتضمنها من الولاية على يتيم يلزمه حفظ ماله، أو قضاء دين لغائب، فلا يخلو حال المال من أحد أمرين:

إما أن يكون ممن يحفظ نفسه، كالعقار، فليس عليه في مثله عند حضور الموت حق؛ لأن الموت يرفع يده عن النظر، لا عن الحفظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>