وللثاني: بقدر عمله مقسطًا على أجور أمثالها.
فإذا ثبت ما وصفنا: لم يخل حال الوصي إذا كان مستعجلًا من أحد أمرين. إما أن يكون وصيًا في كل المال، أو في بعضه. فإن كان وصيًا في جميع ما وصي به: لم يخل حال ما جعله له من الأجرة من ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يجعله من رأس ماله.
والثاني: من ثلثه.
والثالث: أن يطلق.
فإن جعله من رأس ماله، نظر: فإن لم يكن في الأجرة محاباة، كانت من رأس ماله، وإن كانت فيها محاباة: كانت أجرة المثل من رأس المال، وما زاد عليها من المحاباة، في الثلث، يضارب بها أهل الوصايا.
فإن جعل ذلك من ثلثه، كان في ثلثه. فإن لم يكن في الأجرة محاباة، وعجز الثلث عنها: تمت له الأجرة من رأس المال.
فلو كان في الثلث مع الأجرة وصايا، ففي تقديم الوصي بأجرته على أهل الوصايا وجهان:
أحدهما: يقدم بأجرته، لأنها واجبة عن عمل، لا محاباة فيه، ثم يتمم ما عجز الثلث عنه من رأس المال.
والثاني: أن يكون مساويًا لهم في المضاربة بها معهم في الثلث، لأن لباقي أجرته محلًا يستوفيه منه، وهو رأس المال، وهذان الوجهان بنيا على اختلاف الوجهين فيمن جعل حجة الإسلام من ثلثه، وجعل دينه من ثلثه، هل يقدم ذلك على أهل الوصايا أم لا؟
فلو كان في أكرة هذا الوصي محاباة، كانت أجرة المثل إذا عجز الثلث عنها متمة من رأس المال، وكانت المحاباة وصية يضارب بها مع أهل الوصايا ويسقط منها ما عجز الثلث عنه.
وإن أطلق أجرة الوصي ولم يجعلها من رأس ماله ولا من ثلثه: فهي من رأس ماله، إن لم يكن فيها محاباة، إذا تعلقت بواجب من قضاء ديون، وتأدية حقوق وكان تعلق بها مما ليس بواجب تبعًا: فإن كان في الأجرة محاباة كان قدر أجرة المثل من رأس المال، وكانت المحاباة في الثلث يضارب بها أهل الوصايا.
فهذا حكم أجرة الوصي، إذا كان وصيًا في جميع المال. فأما إذا كان وصيًا في شيء دون غيره، فهذا على ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يكون وصيًا في قضاء ديون وتأدية حقوق فأجرته إن لم يكن فيها محاباة، تكون من رأس المال؛ لأنها بدل عن واجب عليه، وإن كان فيها محاباة، كانت في الثلث يضارب بها أهل الوصايا.
فإن جعل كل الأجرة في ثلث ولا محاباة فيها: تممت وعند عجز الثلث عنها من