والثاني: أنه يحمل على استسعائه في خدمة الشريك واكتسابه له بحق ملكه لا لإطلاق الاستسعاء في احتمال الأمرين. وأما الجواب عن استدلالهم بأن تنافي أحكام الحرية والرق يمنع من الجمع بينهما فهو أنا نغلب أحدهما ولا نجمع بينهما فزال التنافي. وأما الجواب عن امتناع الجمع بينهما في ملك الواحد فهو أن اختياره للمعتق أوجب سرايته إلى ملكه، ولم يوجب سرايته إلى ملك شريكه إذا استقر. وأما الجواب عن جعلهم العبد كالغاصب فهو أنه لم يكن من العبد فعل ولا له على رقه يد فلم يجز أن يجعل كالغاصب المعتدي بيده واستهلاكه.
مسألة: قال الشافعي رضي الله عنه: «ويحتمل قوله في عتق الموسر وأعطي شركاءه حصصهم وعتق العبد معنيين أحدهما أنه يعتق بالقول وبدفع القيمة والآخر أن يعتق الموسر ولو أعسر كان العبد حرًا واتبع بما ضمن وهذا قول يصح فيه القياس (قال المزني) وبالقول الأول قال في كتاب الوصايا في العتق وقال في كتاب اختلاف الأحاديث يعتق يوم تكلم بالعتق وهكذا قال في كتاب اختلاف ابن ليلي وأبي حنيفة وقال أيضًا فإن مات المعتق أخذ بما لزمه من أرش المال لا يمنعه الموت حقًا لزمه كما لو جني جناية والعبد حر في شهادته وميراثه وجناياته قبل القيمة ودفعها (قال المزني) وقد قطع بأن هذا المعني أصح (قال المزني) وقطعه به في أربعة مواضع أولى به من أحد قولين لم يقطع به وهو القياس على أصله في القرعة أن المعتق يوم تكلم بالعتق حتى أقرع بين الأحياء والموتى فهذا أولى بقوله (قال المزني) رحمة الله قد قال الشافعي لو أعتق الثاني كان عتقه باطلًا وفي ذلك دليل لو كان ملكه بحاله لو عتق بإعتاقه إياه وقوله في الأمة بينهما أنه إن أحبلها صارت أم ولد له إن كان موسرًا كالعتق وأن شريكه إن وطئها قبل أخذ القيمة كان مهرها عليه تامًا وفي ذلك قضاء لما قلنا ودليل آخر لما كان الثمن في إجماعهم ثمنين أحدهما: في بيع عن تراض يجوز فيه التغابن والآخر قيمة متلف لا يجوز فيه التغابن وإنما هي على التعديل والتقسيط فلما حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - على المعتق الموسر بالقيمة دل على أنها قيمة متلف على شريكه يوم أتلفه فهذا كله قضاء لأحد قوليه على الآخر وبالله التوفيق».
قال في الحاوي: وهذا القول يصح فيه القياس قد ذكرنا أن عتق الموسر يسري إلى حصة شريكه، واختلف قول الشافعي في عتقها عليه بماذا يقع على ثلاثة أقاويل:
أحدها: نص عليه في اختلاف الحديث، واختلاف العراقيين وكتاب الوصايا أنه يعتق عليه حصة الشريك بنطقه قبل دفع القيمة، فيدفعها بعد نفوذ العتق، وهو قول ابن أبي ليلي وسفيان الثوري، وأحمد وإسحاق.
والقول الثاني: نص عليه في القديم لا يعتق عليه إلا بعد دفع القيمة إلى شريكه وهو قبل دفعها على بقاء حصته وهو قول مالك.