للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طالق، وبعضها غير طالق، لتنافي أحكام الزوجية والطلاق. فانفصل الشافعي عنه بالفرق المانع من الجمع بين الزوجة، والعبد من وجهين: أحدهما: أن الاشتراك في العبد بأن يملكه جماعة يجوز لأن الرق يجوز أن يتبعض، والاشتراك في الزوجة بأن يتزوجها جماعة، لا يجوز لأن النكاح لا يجوز أن يتبعض، فلذلك جاز أن يكون العبد بعضه حر وبعضه مملوك، لأن رقه يتبعض في مالكيته فيتبعض في أحكامه، ولم يجز أن تكون الزوجة الواحدة بعضها طالق، وبعضها غير طالق، لأن نكاحها لا يتبعض في الأزواج، فلم يجز أن يتبعض في أحكامه. والفرق الثاني: أن العبد مملوك يجوز أن يباع ويورث ويوهب، لأن المقصود منه الملك، والملك يجوز أن يتبعض والزوجة غير مملوكة، لا يجوز أن تباع ولا توهب ولا تورث لأن المقصود منها الاستمتاع، والاستمتاع لا يجوز أن يتبعض.

وأما الثاني: من استدلالهم الذي أعرض عنه الشافعي، أن قالوا: ايمان أصل للحرية، والكفر أصل للرق، فلما لم يجز أن يجتمع الإيمان والكفر في النفس الواحدة، لم يجز أن تجتمع الحرية والرق في النفس الواحدة. وهذا فاسد من وجهين:

أحدهما: انه ليس الكفر موجبًا للرق، لأنه قد يكون الكافر حرًا، ولا إيمان موجبًا للحرية، لأنه قد يكون المؤمن مسترقًا، وإنما كانا سببًا لهما يزولان مع بقائهما.

والثاني: أنه لما جاز أن يطرأ الإيمان على رق ثابت، ولم يجز أن يطرأ الإيمان على كفر ثابت لم يجز أن يجتمع الإيمان والكفر، وجاز أن يجتمع الحرية والرق. والله أعلم.

مسألة: قال الشافعي رضي الله عنه: «ولو أعتق شريكان لأحدهما النصف وللآخر السدس معًا أو وكلا رجلا فأعتق عنهما معًا كان عليهما قيمة الباقي لشريكيهما سواء لا أنظر إلى كثير الملك ولا قليله (قال المزني) هذا يقضي لأحد قوليه في الشفعة أن من له كثير ملك وقليله في الشفعة سواء».

قال الماوردي: وصورتها: في عبد مشترك بين ثلاثة لأحدهم نصفه وللآخر ثلثه وللآخر سدسه، وأعتق صاحبا النصف والسدس حقهما معًا واجتماعهما عليه يكون من أحد ثلاثة أوجه: أحدها: أن يجتمعا على اجتماع اللفظين حتى لا يتقدم أحدهما على الآخر بحرف، ولا مد ولا تشديد. والثاني: أن يعلقا عتقه بصفة واحدة، كقول كل واحد منهما: إن دخل هذا العبد الدار، أو طار هذا الغراب فنصيبي منه حر، فإن دخل الدار، أو طار الغراب عتق نصيبهما معًا. والثالث: أن يوكلا في عتقه وكيلًا، فيعتقه عنهما بلفظ واحد، فإذا اجتمع عتقهما من أجل هذه الوجوه الثلاثة، وكانا موسرين، قومت حصة الثالث، وهي الثالث، عليهما بالسوية نصفين. وكان ولاؤه بين المعتقين فيصير لصاحب النصف ثلثا ولائه، ولصاحب السدس ثلث ولائه، ولا يعتبر فيهما قدر الملكين ويسوي بين من قل سهمه، وكثر.

<<  <  ج: ص:  >  >>