للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما أن القول قول المعتق والثاني أن القول قول رب النصيب لا يخرج ملكه منه إلا بما يرضي (قال المزني) قد قطع الشافعي في موضع آخر بأن القول قول الغارم وهذا أولى بقوله وأقيس على أصله على ما شرحت من أحد قوليه لأنه يقول في قيمة ما أتلف أن القول قول الغارم ولأن السيد مدع للزيادة البينة والغارم منكر فعليه اليمين».

قال المارودي: قد ذكرنا أن قيمة حصة الشريك معتبرة بوقت العتق على الأقاويل كلها، ولا اعتبار بما حدث بعده من نقصان، لأن عتقه متردد بين أن يكون إتلافًا، أو سببًا للإتلاف، وكل واحد منهما موجب لاعتبار القيمة عند حدوثه، كالجناية على العبد إذا كانت قتلًا، أو سببًا أفضى إلى القتل، وتعتبر قيمته قتل عتق بعضه، لأن عتق البعض موكس لقيمته، وهذا الوكس بعتقه الجاري مجري جنايته، فأما ما حدث بعد العتق من زيادة في قيمة الحصة فمحمول على الأقاويل الثلاثة في نفوذ عتقها فإن قيل: إنها عتقت بلفظ المعتق، لم يضمنها المعتق، وكذلك إن قيل بالثاني إن عتقها موقوف مراعي لم يضمنها، لأن دفع القيمة يدل على تقدم عتقها، وغن قيل: إنها تعتق بدفع القيمة ومعها ففي ضمان المعتق لها حدث من زيادة القيمة، بعد عتقه وقبل دفعها، وجهان: أحدهما: لا يضمنها، لأن سبب الإتلاف في اعتبار القيمة كالإتلاف. والوجه الثاني: يضمن الزيادة دون النقصان، كالغاصب في ضمانه لأكثر القيمة، لأن الزيادة حادثة على ملك الشريك فلم يجز أن يستهلك عليه بغير عوض.

فصل

فإذا تقرر ما وصفناه في اعتبار القيمة، فاختلفا فيها فقال: المعتق مائة، وقال الشريك مائتان. فإن كان العبد باقيًا لم تتغير قيمته بتطاول الزمان، فلا اعتبار باختلافهما ويقومها ثقتان من أهل الخبرة، فإذا قوماها لم يخل حال ما ذكرناه من القيمة من خمسة أقسام:

أحدها: أن يوافق ما أقر به المعتق، وهو المائة فلا يلزمه غيرها، ولا يمين عليه فيها.

والثاني: أن يوافق ما ادعاه الشريك وهو المائتان فيستحقها ولا يمين عليه فيها.

والثالث: أن يكون وسطًا بينهما، غير موافقة لواحد منهما، وذلك بأن تقوم مائة وخمسين، فيحكم بها عليهما ولا يستحق الشريك أكثر منهما، ولا نقتنع من المعتق بأقل منهما.

والرابع: أن تكون زائدة على أكثرهما، وذلك بان تقوم بمائتين وخمسين، فلا يحكم للشريك إلا بمائتين، لأنه بالاقتصار عليها مبرَّأٌ من الزيادة عليها.

والخامس: أن تكون ناقصة عن أقلهما وذلك بأن تقوم بخمسين، فلا نقتنع من المعتق بأقل من مائة، لأنه قد أقر بها، وإن تعذر تقويمه في زمان العتق، إما لموته، أو غيبته، وإما لتغير أحواله بالكبر بعد الصغر، أو بالمرض بعد الصحة، أو بالزمانة بعد السلامة، ففي اختلافها في القيمة قولان:

<<  <  ج: ص:  >  >>