وجب الإقراع للعتق، لإمضاء العتق بعد قضاء الدين، ولم يجز أن يجمع في الإقراع الواحد بين قضاء الدين والعتق، كما وهم فيه بعض الفقهاء، لأمرين: أحدهما: لتقديم الدين على الوصايا. والثاني: يجوزو أن تزيد قيمة من قرع في الدين، فتضم الزيادة إلى من أفرد للعتق أو تنقص القيمة، فتتمم ممن أفرد للعتق.
فإن تقررت هذه الجملة، فمعلوم من صورة ما قلناه أن الدين مقابل لربع التركة، لأنه مائة والتركة أربع مائة، فوجب أن يجزأوا أرباعًا، ويكتبوا في أربع رقاع، والمقرع فيه بين خيارين: أحدهما: أن يكتب أسماءهم، ويخرج على الدين، فمن خرج اسمه بيع فيه. والثاني: أن يكتب في رقعة دينًا، وفي ثلاثة رقاع تركة، ويخرج على الأسماء فمن خرج عليه سهم الدين بيع فيه، فإذا تعين المبيع في الدين بالقرعة لم يجز أن يقرع بين الباقين في العتق إلا بعد بيعه في الدين، لأنه قد يجوز أن تزيد قيمته، فيزاد على سهام العتق، ويجوز أن تنقص، فتتمم من سهام العتق، ويجوز أن يهلك فيقرع للدين ثانية من سهام العتق، فلذلك وجب التوقف على الإقراع للعتق حتى يباع القارع في الدين، ويقضي بثمنه جميع الدين ثم تستأنف قرعة العتق بين الثلاثة على ثلاثة أجزاء، فيعتق منهم من خرج عليه سهم العتق، ويرق من خرج عليه سهم الرق، فلو كانوا ثلاثة عبيد قيمتهم أربعمائة درهم، والدين مائة درهم، جزئوا في الدين ثلاثة أجزاء على عددهم، فإن خرجت فيه قرعة أحدهم بيع منه ثلاثة أرباعه، لأن قيمته مائة. وثلاثة وثلاثون وثلث. والمائة الدين هي ثلاثة أرباعها، ويبقي عبدان، وربع قيمتهم ثلاثمائة فيجزأون أثلاثًا، ويقرع بينهم للعتق، فإن خرج سهم العتق على أحد الكاملين عتق ثلاثة أرباعه، ورق ربعه مع جميع الآخر والربع الباقي من المبيع في الدين، وإن خرج سهم العتق على الربع الباقي من المبيع في الدين عتق، وقرع بين الكاملين، وأعتق من القارع نصفه، ورق نصفه، وجميع الآخر. والله أعلم.
فصل
وإذا كان ظهور الدين بعد تحرير العتق بالقرعة.
مثاله: أن يقرع بين العبيد الأربعة، فيعتق منهم عبد وثلث، ثم تظهر علي مائة درهم دينًا لم يعلم به قبل القرعة، ففيه وجهان:
أحدهما: وهو مذهب الشافعي المنصوص عليه في المبسوط من كتاب «الأم» أن قرعة العتق ماضية، ويباع في الدين بما استرقه الورثة، وهو عبدان وثلثا عبد بمائة لقضائه للدين إن لم يقضوه من أموالهم، وهم بالخيار في بيع من شاؤوا منهم بغير قرعة، لأنه لا حق فيهم للمعتق، فلم يحتج في بيعه إلى قرعة، ويبقي معهم عبدان وثلثان، وقد صارت التركة بعد قضاء الدين ثلاثة عبيد قيمتهم ثلاثمائة، فيبقي للورثة تمام حقهم في الثلثين ثلث عبد، وقد خرج بالعتق عبد وثلث، فيقرع بين العبد والثلث، ليسترق منهما ثلث عبد يستكمل به الورثة ثلثي التركة، فإن خرجت قرعة الرق على ثلث العبد رق للورثة، وتحرر عتق الآخر كله، وغن خرجت على هذا الآخر الكامل العتق