يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه» فلو كان يعتق بنفس الملك لما قال فيعتقه.
ودليلنا قوله سبحانه وتعالى:{اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ ولَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ}[الأنبياء: ٢٦] فأخبر أنه لا يجتمع الولادة والعبودية. وروى الحسن عن سمرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«من ملك ذا رحم محرم، فهو حر». وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«من ملك ذا رحم محرم فهو عتيق حين يملكه». وأيضا فالولد حرد من الأب لقوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ [١/ ب] والتَّرَائِبِ (٧)} [الطارق: ٧]، والترائب: قيل في التفسير: يخرج من صلب الرجل وترقوة المرأة، وقيل: من عظام صدر المرأة. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فاطمة بضعة مني يريبني ما يريبها».
وكل من ملك نفسه عتق فكذلك إذا ملك ولده. وأما خبرهم قلنا قوله، فيعتقه معناه فيعتق عليه فعبر عن العتق بالإعتاق لأنه بسبب شراءه، وقال مالك: لا يعتق عليه الوالدان والمولودون والأجداد والجدات والإخوة والأخوات فقط. وقال أبو حنيفة: يعتق عليه كل ذي رحم محرم بالنسب من العمات والخالات والأخوال وأولاد الإخوة والأخوات، به قال جابر بن زيد وعطاء والشعبي والزهري والحكم وحماد والثوري وأحمد وإسحاق، واحتج بالخبر الذي ذكرنا، وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: من ملك ذا رحم محرم، فهو حر ومثله عن الحسن البصري.
وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أن ابن الأخ يعتق على العم. ودليلنا أن كل قريب جاز للمكاتب بيعه لا يعتق على الحر إذا ملكه كابن العم وأما الخبر، قلنا: يخصه بالوالدين والمولودين بدليل ما ذكر.
فرع
إذا عتق عبد ملكه فبماذا يعتق وجهان: أحدهما، يعتق بالسبب الذي ملكه به بابتياع كان العقد موجبا للملك والعتق فعلى هذا يسقط فيه خيار البائع والمشتري ويجري مجرى قوله للبائع: أعتقد عبدك عني بألف فأعتق. والثاني: أنه يعتق بعد استقرار العقد الذي ملكه به ليكون بالعقد مالكا، وبالملك معتقا لأن العقد الواجب [٢/ ب] لا يجوز أن يكون موجبا لإثبات الملك، ولإزالته في حالة واحدة فعلى هذا يثبت فيه خيار المجلس في حق البائع وفي ثبوته في حق المشتري وجهان، بناء على أنه يملك بالعقد أو بانقضاء الخيار، فإن قلنا: يملك بالعقد فلا خيار له، فإن اختار البائع الفسخ انتقض