قدر الثلث واستسعى الوارث في ثلثه وإن كان عليه دين يستغرقه يستسعي العبد في قدر قيمته، فإذا أدى ذلك عتق وروي منع البيع عن سعيد بن المسيب والشعبي والنخعي والزهري وسفيان والأوزاعي. وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه وسعيد بن جبير ومسروق وحماد والحكم والنخعي وداود أن المدبر عتق من رأس المال.
ودليلنا ما روى جابر رضي الله عنه أن رجلا أعتق غلامًا له عن دبر منه لم يكن له مال غيره فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فبيع بسبع مائة وأة بتسع مائة، وفي رواية أخرى أن رجلا من الأنصار يقال له: أبو مذكور أعتق غلامًا له يقال له: يعقوب عن دبر لم يكن له مال غيره فدعا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: من يشتريه فاشتراه نعيم بن النحام بثمانمائة درهم فدفعها إليه، وقال: إذا كان أحدكم فقيرًا فليبدأ بنفسه، فإن كان فيها فضل فعلى عياله فإن كان فضل فعلى ذوي قرابته، أو على ذوي رحمه، فإن كان فضل فههنا وههنا.
وقال عمرو بن دينار: سمعت جابرًا يقول: كان عبدًا قبطيًا مات عام أول في إمارة ابن الزبير. وروى باعه بثمانمائة درهم ودفعه إلى مولاه. وروى شريك بإسناده عن جابر أن رجلا مات وترك مدبرا الخبر. قال أهل الحديث:[١٦/ ب] هذا خطأ من شريك والحفاظ أثبتوا حياة مالكه وقت بيعه ولأنه عتق بصفة ثبت بقول المعتق وحده، فلا يكون لازما كما لو قال: إن دخلت الدار فأنت حر. والدليل على أنه يعتبر عتقه من الثلث، وهو قول علي وابن عمر رضي الله عنهم وسعيد بن المسيب والزهري وأبي حنيفة ومالك والثوري وأحمد وإسحاق ما روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«المدبر من الثلث»، ورواه أبو قلابة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلا، وقيل: هذا لا يصح مرفوعا بل هو موقوف على ابن عمر رضي الله عنهما ولأن إعتاقه في المرض أقوى وأمضى، وهو يعتبر من الثلث، فهذا أولى ولأنه تبرع يلزم بالموت فكان من الثلث كالوصية، واحتجوا بما روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«المدبر لا يباع ولا يشترى»، ولأنه استحق العتق بموت السيد على الإطلاق فلا يجوز بيعه، أكان عتقه من رأس المال كأم الولد. قلنا: قال الطحاوي: هذا لا يصح مسندًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما هو موقوف على ابن عمر، أو نحمله على ما بعد الموت، أو على الاستحباب بدليل خبرنا. وقد روى جابر رضي الله عنه أن رجلاً من الأنصار أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ما لي إلا غلامًا جعلته حرًا من بعدي، فأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - ببيعه، وقال:«أنت إلى ثمنه أحوج والله عنك أغنى»، وإنما ذكر الشافعي هذا الخبر بألفاظ الاستادلال به على تمام حفظ الراوي، [١٧/ أ] وصحح مسلم بن الحجاج، هذا