يلزمه أن يأتي بالأذان على الولاء والترتيب، ولا يقدم كلمة على كلمة فإن نكس أعاد مرتباً، وإن ترك منها كلمة أعادها وبنى عليها ما بعدها، ولفظ الشافعي في «الأم»: لو كبر ثم قال: حي على الصلاة عاد فتشهد، ثم أعاد: حي على الصلاة حتى يضع كل شيء منه موضعه، وهذا لأنه نكس لا يحصل به الإعلام ويعد لعباً واستهزاء، وحكي عن أبي حنيفة: أنه يجوز إذا حصل به الإعلام، وهو غير صحيح عنه عندي.
فرع آخر
يستحب للمؤذن أن يجمع بين الأذان والإقامة ليكمل له الثواب. وقال في «الأم»: وإذا أذن الرجل أحببت أن يتولى الإقامة لشيء يروى فيه أن من أذن أقام. وقال: وإن أقام غيره أجزأه، وبه قال الثوري والليث، وقال مالك وأبو حنيفة في رواية: لا بأس أن يقيم غير من أذن، واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم «أمر بلالاً بالأذان في الأول، فأذن، فقال عبد الله بن زيد: إني رأيته، وإني أردت ذلك، فأمر عبد الله بن زيد بالإقامة»[٢٤ أ/ ٢]، وهذا غلط لما روى زياد بن الحارث الصدائي، قال:«لما كان أول أذان الصبح أمرني النبي صلى الله عليه وسلم فأذنت فجعلت أقول: أقيم أقيم يا رسول الله؟ فجعل ينظر إلى ناحية المشرق إلى الفجر فيقول: لا حتى إذا طلع الفجر نزل ويلاحق أصحابه فتوضأ فأراد بلال أن يقيم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن أخا صداء من أذن، ومن أذن فهو يقيم». قال: فأقمت. وخبرهم محمول على الجواز إن صح.
وقد روينا فيما تقدم خلاف هذا، وهو الأصح عندي. وقال بعض أصحابنا بخراسان: قال الشافعي رحمه الله: «فإن أذن واحد وأقام غيره أجزأه إن شاء الله»، فقال أصحابنا: هل يحتسب بتلك الإقامة؟ قولان: بناء على ما لو خطب واحد وصلى آخر هل يصح؟ قولان. وهذا لا يصح لأن الخطبة أقيمت مقام ركعتين من الصلاة، فيجوز فيه التخريج على قولين كما في الصلاة بخلاف الأذان.