الكلام في هذا في جناية المدبر، والجناية عليه، فأما جنايته فيتعلق أرشها برقبته كالعبد القن سواءً لأنه لما كان كالعبد في جواز تصرف السيد في رقبته كان مثله في تعلق الأرش برقبته، فإذا تعلق الأرش بها كان السيد بالخيار بين أن يفديه وبين أن يسلمه للبيع كما يكون له الخيار في العبد القن [٢٨/ ب] فإذا اختار الفداء في كم يفدي فيه؟ قولان: أحدهما: بالأقل من قيمته والأرش، والثاني: بالأرش باغًا ما بلغ أو يسلمه للبيع كما قلنا في العبد القن سواءً، فإن فداه السيد، فالتدبير بحاله وإن سلمه للبيع فبيع في الجناية يبطل التدبير بزوال ملكه عنه، فإن عاد إلى ملكه بابتياع أو بهبة أو غير ذلك، فهل يعود التدبير، فإن قلنا: إنه كالوصية لا يعود التدبير؟ وإن قلنا: إنه كالعتق بصفة ففيه قولان: كما لو قال لعبده: إن دخلت الدار فأنت حر، ثم باعه ثم دخل الدار هل تعود اليمين بعود الملك، فيه قولان، وقال أبو حنيفة: يلزمه الفداء كما في أم الولد إذا حنث إذ لا سبيل إلى بيعه عبده.
فرع
لو بيع بعضه في الجناية بطل التدبير في ذلك البعض، والباقي مدبر بحاله لأن الجناية لم تخلص إليه.
فرع آخر
لو مات السيد قبل البيع والفداء فهل يعتق؟ هو مبني على القولين في العبد الجاني إذا أعتقه سيده. هل ينفذ أم لا، وفيه قولان، فإن قلنا: ينفذ العتق المباشر ينفذ العتق بالصفة، وإن قلنا: لا ينفذ ذاك لا ينفذ هذا، فإذا قلنا: بالنفوذ أخذ من تركته أقل الأمرين من الأرش، أو القيمة ويسلم إلى المجني عليه لأن عتقه كان بسبب منه، وإن قلنا لا ينفذ فوارثه يقوم مقامه في الفداء والتسليم ليباع، فإن فدوه يعتق من الثلث.
فرع آخر
لو جنى المدبر بما يستغرق ثلث الرقبة مثلا ومات السيد قبل الفداء ففدى الوارث من ماله ذلك الثلث، ففي ولاء ذلك الثلث وجهان، قال ابن سريج: هو للوارث. [٢٩/ أ] وقال القفال: عندي قول آخر إن كل الولاء للميت بناءً على القولين في إجازة الورثة هل هي تنفيذ أم ابتداء عطية لأن هذا الفداء من الورثة كالإجازة فإنه متمم به قصد الموروث وكانا في أحد الوجهين يجعل كأنه بيع ثم اشتراه الوارث، فأعتقه فيكون الولاء له، وفي الثاني: جعل تتميمًا للتدبير وهما كالوجهين فيما قال الشافعي في عبد مرهون جنا ففداه المرتهن بشرط أن يكون العبد عنده وثمنًا بأصل المال وبهذا الفداء