للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا يفسخه ما لم يعجز المكاتب من الأداء وغير لازم من جهة العبد فله أن يعجز نفسه متى شاء. وقال مالك وأبو حنيفة هو لازم من جهة العبد أيضا، فإذا كان له مال يفي بما عليه أجبر على أدائه وليس له الامتناع وإن لم يكن له مال قد ذكرنا أن عند أبي حنيفة لا يجبر على الاكتساب خلافًا لمالك وهذا لا يصح لأن ما لا يجبر العبد على فعله إذا لم يحصل شرطا لعتقه لم يجبر عليه، وإن جعل شرطا لعتقه، كدخول الدار إذا قال: إن دخلت الدار فأنت حر، فإذا تقرر هذا الكلام الآن في الموت هل تفسخ به الكتابة؟ ولا خلاف أنه لا يفسخ بموت السيد على ما ذكرنا، فإذا مات المكاتب فعندنا تنفسخ به الكتابة ويكون ما في يده لسيده، ومات رقيقًا وبه قال أحمد في رواية، وروى هذا عن عمر ورزيد رضي الله عنهما وعمر بن عبد العزيز والزهري وقتادة ولفظ ابن عمر: إذا مات المكاتب وقد أدى طائفة من كتابته وترك مالا كل ما ترك لسيده ليس لورثته من ماله شيء، وروي عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما أنهما قالا: إذا ترك المكاتب وفاء بما بقي عليه من الكتابة عتق، وإن ترك [٦٥/ ب] زيادة كانت لولده الأحرار وبه قال عطاء وطاوس والنخعي والحسن وأبو حنيفة ومالك والثوري. وقد قال أبو حنيفة: إن لم يخلف وفاء انفسخت الكتابة، ومات عبدًا وإن لم يخلف وفاء لم تنفسخ ويؤدي عنه ويحكم بأنه عتق في آخر جزء من أجزاء حياته، ويكون ماله لورثته المناسبين فإن لم يكن كان لمولاه. وقال مالك: إن لم يخلف ولدًا أو خلف ولدًا حرًا أو مملوكًا ولد قبل عقد الكتابة لا تنفسخ بل يكلف الولد أن يؤدي المال الذي على أبيه، فيعتق ويتبعه الولد في الحرية، وإن لم يكن أجبر هذا الولد على الاكتساب والأداء، وقد ذكرنا عن مالك خلاف هذا على ما ذكره القفال، وهذا الذي ذكرناه أصح من مذهبه، ودليلنا ما روى عمر بن شعيب عن أبيه عن جده، أنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب يقول: «من كاتب عبد على مائة أوقية فبقي عليه عشر أواق أو عشرة دراهم فمات فهو رقيق»، ولأنه مات قبل أداء مال الكتابة فوجب أن تنفسخ الكتابة كما لم يخلف وفاء، وأيضًا فالعقد عقد العتق لأنه يقصد به العتق حقيقة، ومحل العتق قد فات فيستحيل بقاء عقد العقد مع فوت المحل.

فرع

قال في «الأم»: لو قال سيده بعد موته قد وضعت الكتابة عنه أو وهبتها له أو أعتقه لم يكن حرًا، وكان المال ماله بحاله لأنه إنما وهب لميت مال نفسه.

فرع آخر

قال: وإذا مات المكاتب فعلى سيده كفنه ومؤنة قبره لأنه عبد، وكذلك لو كان أحضر المال ليدفعه [٦٦/ ب] إلى سيده، فلم يقبضه سيده حتى مات، مات عبدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>