بالتحالف من غير حكم الحاكم فأما إذا قلنا: في التحالف لا ينفسخ البيع ما لم يفسخ الحاكم بعد التحالف لا يعود العبد رقيقًا ههنا بنفس التحالف بل إذا تراضيا على شيء بعد التحالف أقرا عليه وعتق العبد بأدائه، وإن لم يتراضيا فسخها الحاكم ثم يعود العبد رقيقًا، وإن كان بعد الأداء ووقوع العتق لم يرد العتق ولكنهما يتراجعان بالقيمة لأن العقد ينفسخ ويسقط المسمى فيكون بمنزلة الأداء في الكتابة الفاسدة فيثبت التراجع، فإن قيل: كيف يتصور اختلافهما بعد عتقه، قيل: ذكر الشافعي في الإملاء وحرملة صورة ذلك، فقال: قال الشافعي: لو أن رجلا جاء إلى الحاكم ومعه عبد له، فقال: كاتبت عبدي هذا كتابة صحيحة على ألفي درهم وقبضها منه فعتق، وقال العبد: صدق في كل ما قال إلا في الألفين فإنه ما كاتبني إلا على ألف درهم وأعطيته ألفين على أن يكون لي عنده ألف، وليس لواحد منهما بينة تحالفا كما يتحالف المتبايعان الحران، وكان للسيد على العبد من الألفين قدر قيمته، فإن كانت قيمته أكثر من ألفين رجع السيد بالفضل عليه فإن أقاما جميعًا البينة، فقال بينة العبد كاتبه في شهر رمضان من سنة كذا على ألف، وقال: بينة السيد كاتبه في شوال من تلك السنة على ألفين، [٧٥/ ب] واتفقا على أن الكتابة كانت واحدة، قال الشافعي: كان هذا كذابا من كل واحدة من البينتين للأخرى ويتحالفا وهو مملوك بحاله وإن لم يتفقا على أن الكتابة كانت واحدة. قال الشافعي: البينة المتأخرة أولى لأنهما قد يكونان صادقين فتكون كتابته في شهر رمضان ثم انقضت الكتابة وأحدث له كتابة أخرى، قال الشافعي: إلا أن تكون البينة الأولى أنه أدى وعتق، فتكون البينتان متعارضتين لأنه لا يمكن أن يكون مكاتبًا بعد العتق.
فرع
قال في «الأم»: ولو شهدت بينة المكاتب أنه كاتبه على ألف وأداها السيد ألفا وشهدت بينة سيده أنه كاتبه على ألفين فأدى ألفا ولم يوقت البينتان لم يعتق المكاتب وتخالفا وتراد الكتابة من قبل أن كل واحدة من البينتين تكذب الأخرى فليست إحداهما بأولى أن تقبل من الأخرى، فجعل الشافعي البينتين المطلقتين في التعارض مثل البينتين المؤرختين.
وقول الشافعي: تحالفا وترادا دليل على صحة لفظ التراد في المسألة الأولى، وإن المراد به فسخ العقد.
فرع آخر
قال في «الأم»: ولو شهدا معًا بهذه الشهادة واجتمعا على أن السيد عجله العتق، وقالت: بينة السيد جعل الألف دينًا عليه وأخر ذلك أنفذت له العتق لاجتماعهما عليه،