وإن مات العبد فقامت البينة أن السيد أقر بقبض النجوم في حياته فكذلك الحكم، وإن لم تقم البينة ولكنه يقر بعد موته بأنه كان قد أدى المال وعتق ويدعي ذلك لجر الولاء. وقال موالي الأم مات قبل الأداء، فالولاء لنا، فالقول قول موالي الأم لأن الأصل بقاء الولاء لهم، فلا ينتقل عنهم إلا بيقين ويحلف مولى الأم على العلم أنه لا يعلم ذلك. قال في «الأم»: ودفع مال المكاتب إلى ورثته الأحرار بإقرار سيده أنه مات حرًا وهذه الصورة مسألة الكتاب.
فرع
لو أقر السيد في مرضه أنه قبض ما على مكاتبه حالا كان على المكاتب أو مؤجلاً صدق، وليس هذا بوصية وإنما هو أقر ببراءة دين كان عليه، فهو كما يصدق على إقراره لحر ببراءة دين له عليه.
مسألة: قال: «ولو قال: استوفيت ما على مكاتبي أقرع بينهما».
صورة المسألة: أن يكون مكاتبان فأقر أنه استوفى ما له على أحدهما وكانت كتابتهما سواءً أو أقر أنه أبرأ أحدهما ما عليه، وإنما أشكل عليه عينه، قال الشافعي: يقرع بينهما ولا خلاف أنه لا يقرع ما دام السيد حيًا بل يرجع إليه، [٧٧/ أ] فيقال له: تذكر، وأخبر به، فإن الظاهر من حال الإنسان أنه إذا نسي شيئًا تذكره وأخبر عنه، فغن تذكر وأخبر به يعتق الذي أخبر به، فإن ادعى الآخر أنه هو الذي عتق، فالقول قول السيد فيحلف له وتسقط دعواه، فإن نكل عن اليمين حلف العبد وعتق أيضًا وإن لم يتذكر حلف لهما إذا تداعياه.
ثم الحكم فيهما بعد اليمين اختلف أصحابنا فيه على وجهين، أحدهما: أن يكون كل واحد منهما على كتابته، ولا يعتق واحد منهما إلا بأداء جميع المال وحكي عن الشافعي هذا الوجه لأن كل واحد منهما لم يستقر له الأداء، والثاني: أن الدعوى ترد على المكاتبين حتى يتحالفا على الأداء، فإن حلفا أو نكلا كانا على الكتابة لا يعتقان إلا بالأداء وإن حلف أحدهما ونكل الآخر قضى بالأداء للحالف منهما دون الناكل وعتق، وكان الناكل على كتابته، وإن مات السيد قبل البيان، ففيه قولان، أحدهما: يقرع بينهما لأن الحرية قد تعينت في أحدهما لا بعينه فوجب تمييز ذلك بالقرعة، ولأن معنى ذلك أن أحدهما حر والآخر مملوك فهو كما لو قال أحدكما: حر، ولم يبين ومات وأراد واحدًا بعينه لأن العتق قد تعين في الذي أدى الكتابة والسيد المخبر عنه، والثاني: لا يقرع بينهما لأن أحدهما قد عتق، فلو أقرعنا أدى إلى نقل الحرية من شخص إلى شخص ولا سبيل إلى ذلك.
وإذا قلنا: بهذا رجعنا إلى الورثة، فإن ذكروا أنهم يعرفون ذلك حكمنا بحرية المعين