بالعرض عيبًا فله رده، وإمساكه لأنه ملكه بمعاوضة ولا فرق عندنا بين العيب اليسير والكثير. وقال أبو حنيفة لا يرد بالعيب اليسير، فإن اختار الإمساك سقط حكم الرد واستقر ملكه على المأخوذ واستقر العتق، وإن اختار الرد فرده وعجز ارتفع العقد، وارتفع العتق الواقع له كالمشتري إذا رد المبيع بالعيب ويفارق هذا إذا قال لامرأته: إن أعطيتني ثوبًا فأنت طالق وأعطته ثوبًا فإنها تطلق فلو وجد به عيبًا، فرده لم يرتفع الطلاق لأن المغلب هناك حكم الصفة وههنا المغلب حكم المعاوضة، [٧٨/ ب] فإذا رده ارتفع حكمه كالبيع، وقال أحمد: لا يرتفع العتق الواقع به إذا رد لأن المال فيها غير مقصود كما في الخلع وهذا غلط لما ذكرنا، فإن قيل: إذا اختار الإمساك ينبغي أن لا يعتق لأنه لم يعطه جميع ما وقع عليه العقد كما لو كاتبه على عشرة فأعطاه خمسة أو تسعة لا يعتق، قلنا: إذا أمسك المعيب فقد رضي بإسقاط حقه منه فجرى مجرى ما لو أبرأه مما بقي من مال الكتابة، ولأن سلامة الصفة اقتضاها العقد والقدر منصوص عليه فتعلق العتق به لأن حكم الصفة أخف وكفى في سقوط حقه منها إمساكه، وقال أبو إسحاق: العتق قد وقع بقبضة معيبًا لأن كونه معيبًا لا يمنع كونه ملكًا للقابض إلى يفسخ ذلك، وإذا كان ملكه وجب أن يعتق المكاتب لأنه لا يجوز أن يجتمع في ملكه البدل والمبدل، ويقال للسيد إن رضيت به فالعتق نافذ من يوم قبضت، وإن لم ترض به فرده بالعيب فإذا رده عاد مكاتبًا، وقيل له: إن أعطيته سليمًا من العيب فليس له تعجيزك، فإذا عجزت عن ذلك، فليس عليه الصبر وله تعجيزك ورد الكتابة.
قال المسارجسي: وبعض أصحابنا إذا وجد العيب تبينا أن العتق لم يقع فإن أمضاه ورضي به عتق من وقت الرضا وإن رد لم يقع العتق. وقول الشافعي ورد العتق ليس على ظاهره لأن العتق لا يرد بعد وقوعه، وإنما لم يقع العتق لأنه إذا وجد به عيبًا تبينا أنه لم يأت بالعوض الذي وصفه كالمسلم إليه إذا أتى بالمسلم فيه بغير فته، فإن المعقود عليه [٧٩/ أ] لم يسلمه والذي يدل عليه أن الشافعي شبهه بدفع دنانير نقص، ولا شك أن العتق لا يقع بدفع دنانيرنا فضة. قال: وقد قال الشافعي في كتاب الخلع: إذا خالع بعبد بعينه فوجد به عيبًا رده، وكان له عليها مهر مثلها، وإنما أوقع الطلاق لأن العقد وقع على عوض موصوف، فإن كان به عيب لم يسلم ما وقع العقد عليه، قال: والدليل على أن العتق إذا وقع لا يرفع أن الشافعي، قال: ولو قال: أنا عبد فلان، فأنكره وقال: ليس لي عتق، فإنه أقر بعده لغيره لم يقبل منه ولا يرفع عتق واقع.
ولأن الشافعي قال: إذا اختلفا في مقدار مال الكتابة بعد قبضه تحالفا ويرجع إلى قيمته، ولا يرفع العتق فصح أن العتق لم يصح في هذه المسألة، وهذا إذا كانت السلعة قائمة، فأما إذا كانت فائتة، قال أبو إسحاق: عاد إلى الكتابة من يوم المعيب لأنه بالتلف وجب للسيد أرشه فكأنه من ذلك اليوم قد بقي من الكتابة مقدار أرش العيب، فيكون مكاتبًا من ذلك الوقت، فيقال له: إن أعطيته نقصان العيب من وقتك وإلا فلسيدك تعجيزك، ولم يقل: يرد العتق، فلو كان العتق باقيًا مع تلف السلعة كبقائه إذا