ذلك بمنزلة الإبراء، فإن اختار الرجوع على المكاتب ومطالبته بالخمسمائة، وأخذها منه، وإن اختار مطالبة كل واحد منهما بما يلزمه ففعل عتق لأنه أدى جميع المال ولا يستحق المكاتب أن يرجع على الشريك المصدق بشيء ولا الشريك يستحق الرجوع على المكاتب بشيء فإنه يقول: أديت ما علي من مال الكتابة والشريك ظالم فيما يرجع علي به، فإنه قد استوفى حقه، ومن أقر أنه مفهوم لا يستحق الرجوع على غيره بما ظلم به وهكذا الشريك المصدق لا يستحق الرجوع على المكاتب بشيء، فإنه يقول [٨٦/ أ] شريكي: قد استوفى حقه من المكاتب، وهو ظالم فيما يرجع به علي، وإن اختار السيد أ، يرجع على المكاتب بخمسمائة فطالبه بها فعجز فله أن يسترقه لأنه قد عجز عن أداء ما عليه، فإذا استرقه حصل نصفه حرًا، ونصفه مملوكًا وكسبه في المستقبل بينه وبين السيد نصفين. وأما الكسب الذي وجده في يده فنصفه يكون لسيده الذي استرقه ونصفه يترك عليه لأن نصفه قد عتق بعقد الكتابة، فكان كسب ذلك النصف له كما لو عتق جميعه.
قال الشافعي رضي الله عنه، ولا يقوم باقي العبد على الشريك المصدق، والتعليل الصحيح فيه أن التقويم إنما يراد لحرية العبد وتكميل أحكامه والعبد يقول: أنا عتقت فلا أحتاج إلى التقويم، وإنما غصبني الشريك المنكر على نصفي فسقط التقويم في حقه لأن المغصوب لا يقوم على أحد، قال القاضي الطبري وهذا لا يختلف فيه قول الشافعي ولم يحك أبو إسحاق ولا صاحب «الإفصاح» غير هذا القول، وذكر المزني هذه المسألة في «لجامع الكبير» عن الشافعي هكذا، ثم قال: وهذه المسألة الثانية، وإن ادعى أنه دفع جميع مال الكتابة إلى أحدهما فقال المدعى عليه، بل دفعه إلينا جميعًا رجع عليه شريكه بنصف ما أقر بقبضه وعتق نصيبه وقوم عليه نصيب شريكه إن كان موسرًا، قال أبو إسحاق: وإذا وجب تقويمه فهو على قولين أحدهما تبطل الكتابة في نصيبه ويقوم على شريكه في الحال كما لو أعتق نصيبه، والثاني: يكون نصيبه [٨٦/ ب] على كتابته فإن عجز حينئذ قوم على شريكه، والفرق بين هذه المسألة، والمسألة التي قبلها أن العبد في هذه المسألة لا يدعي حرية جميعه لأنه لا يعتق بدفع جميع مال الكتابة إلى أحدهما، فلهذا قومنا على المقر نصيب شريكه، وفي هذه المسألة التي قبلها ادعى دفع نصيب كل واحد منهما إليه وحرية جميعه فلم يجب تقويمه وهو يزعم أنه حر وقال القاضي الطبري من أصحابنا من قال يقوم نصيبه على شريكه وهذا له وجه ولكنه خلاف النص، وقال في «الحاوي» نص الشافعي أنه لا يقوم وعلل بأن العبد يبرئه من ذلك، وفي هذا التعليل نظر لأنه في تكميل العتق م حقوق الله تعالى ما لا يعتبر فيه الإبراء، ولا فرق بين المسألتين عندي على وجه يصح الفرق، وقال بعض أصحابنا ينقل جواب إحدى المسألتين إلى الأخرى، وهل يقوم فيهما على الشريك؟، فيه قولان،