مسألة: قال: «ولو مات سيد المكاتب فأبرأه بعض الورثة من حصته عتق نصيبه».
قد ذكرنا هذه المسألة، وقال: ههنا ولاؤه للذي كاتبه يعني الميت لأن العقد له، ولا أقوم عليه، والولاء لغيره، وهذا أحد القولين اللذين ذكرناهما فيما تقدم، ثم قال: وأعتقه عليه بسبب رقه فيه لأنه لم يكن فيه رق فعجز لمن يكن له. وهذا اللفظ لإيجازه مشكل، وهو جواب سؤال لا يصح إلا بذكر السؤال كأنه يقول: إن قال قائل: إذا لم يقوم على هذا الوارث الذي قد أعتق نصيبه بالإبراء، فلم أعتقت بقوله ذلك النصيب؟ وإذا نفذ العتق فيه بقوله: وجب التقويم عليه، قلنا: إنما يعتق عليه ذلك النصيب بسبب رقه فيه، لأنه لو لم يكن فيه رق لم يكن له إذا عجز ومعلوم أنه إذا عجز كان ذلك النصف له، فإذا لم يعجز فالولاء لمن كاتبه، وإذا كان الولاء لغير هذا الوارث المعتق أو المبرئ لم يجز التقويم عليه. وحكى المزني في موضع آخر هذين القولين في أصل التقويم على هذا الوارث، وقال في موضع فيها قولان، أحدهما: لا يقوم عليه، والثاني: يقوم عليه إذا عجز وكان له ولاؤه كله لأن الكتابة الأولى بطلت، وأعتق هذا ملكه. وقال الإمام أبو محمد الجويني: ههنا نكتة وذلك أنه إذا أعتق أحد الوارثين نصيبه من المكاتب [٩٠/ أ] الموروث. وقلنا: بالتقويم وانتظرنا العجز فعجز النصف الثاني فقومناه، قد ذكرنا أن الكتابة انتقضت في النصف المقوم بالعجز ف أما النصف الأول الذي أعتقه الوارث فهل يحكم الآن بإبطال الكتابة؟ فيه اختلاف أصحابنا فيه فمنهم من لم يبطل الكتابة فيه، وعليه الأكثرون، ومنهم من أبطل الكتابة فيه وعلل، فقال: العقد عقد واحد فإذا انفسخ بعضه في الانتهاء انفسخ جميعه وكنت استضعفت هذا الوجه حتى دل النص عليه في هذا الموضع حيث حكى المزني القولين في أصل التقويم، وقال في القول الثاني لأن الكتابة الأولى بطلت وأعتق هذا ملكه فوجدناه قولاً منصوصًا، وقال القاضي الطبري معناه ولاء هذا النصف له لا الكتابة إنما بطلت فيه دون نصيب المبرئ، قال المزني: الول أشبه بمعناه يعني أن لا يقوم عليه، واحتج بأنه زعم أنه إذا أبرأه من قدر حقه من مالك الكتابة عتق نصيبه، بمعنى عقد الأب فلم يجز أن يزيل ما ثبت يعني إذا ثبت أن العقد حصل على عقد الأب لم يجز أن يقوم عليه هذا الوارث ثم قال المزني: وإذا زعم أنه إن عجز فقد بطلت الكتابة الأولى فينبغي أن يبطل عتق النصيب بالإبراء من قدر النصيب لأن الأب لم يعتقه إلا بأداء الجميع فكأن الأب أبرأ من بعض مال الكتابة، فلا عتق بإبرائه من بعض مال الكتابة، قلنا: قال أصحابنا لم يرد الشافعي بقوله: بطلت الكتابة في الجميع وإنما أراد في النصيب الذي يقوم على الابن فلم يجب رد العتق، وقال الجويني: رحمه الله اعترض المزني بهذا [٩٠/ ب] على القول الذي استضعفناه ووجدناه نصًا، فقال: إذا حكمنا في الانتهاء بإبطال جميع الكتابة وجب أن يبطل عتق النصف الأول الذي أعتقناه بلفظ الإبراء