للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحرية كولد أم الولد، ولأن الولد من كسبها فيقف على عتقها كمالها، فإذا قلنا: الولد يكون مملوكًا للسيد فله أن يتصرف فيه كيف شاء، ولو قيل: كانت قيمته له، وإذا قلنا: إنه موقوف فالكلام على هذا القول [٩١/ ب] في خمسة أحكام، أحدها: في الجناية عليه، والثاني: في نفقته، والثالث: في كسبه، والرابع: في عتقه، والخامس: في وطئها إذا كانت ثيبًا.

فأما في الجناية عليه، فضربان جناية على نفسه وجناية على طرفه فإن كانت الجناية على نفسه وكانت خطأ يوجب المال فعليه قيمته لأنه مملوك، فيضمن بالقيمة ولمن تكون القيمة فيه قولان، أحدهما: أنها للسيد وهو اختيار الشافعي رضي الله عنه لأنه تابع لأمه، والأم لو قتلت كانت قيمتها للسيد فكذلك قيمة الولد للسيد وعلل أبو إسحاق فقال: لأن الولد لم يجز عليه العتق، ولا هو ملك الأم، وإنما هو ملك لسيده، وإنما وقف على الحرية والرق، فإذا قتل فقيمته للسيد.

وأيضًا لو أعتق السيد الولد عتق فلو كان كسبًا لأمه تستعين به في كتابتها لما جاز أن يعتقه السيد لأنه يتلف على الأم بعتقه كسبه، قال أبو إسحاق: ويخالف هذا ولد المكاتب الذي أوصى له به فقبله أو وطئ جاريته في حال كتابته فولدت منه، فإنه يملك ولده ويصير موقوفًا من أجل ملكه إياه، ولو كان يجري عليه رق على الدوام لكان يستديم لملكه كسائر عبيده ولكن لا يستقر له ملكه على ولده فيعتق عليه إذا كان حرًا ويصير موقوفًا على حريته إذا كان مكاتبًا، فإذا كان كذلك يكون السيد ممنوعًا من ولده، ولا ينفذ فيه عتقه فلما نفذ دل على ما قلنا، والقول الثاني: أن قيمته للمكاتبة تستعين بها في مال الكتابة لأن القصد من الكتابة طلب حصتها، وهذا [٩٢/ أ] من حصتها ولأن السيد لا يملك التصرف فيه مع كونه قنًا فلا يستحق قيمته، وإذا لم يستحقها السيد كانت لأمه لأنه لا فائدة في إيقاف القيمة بخلاف الولد لأنه يوقف ليعتق، وإذا كانت الجناية عليه عمدصا فإن جعلنا قيمته في الخطأ للسيد، فالقود في العمد مردود إلى خيار السيد، فإن اقتص أو عفا فلا اعتراض للأم عليه وإن جعلنا قيمته للأم، فإن اقتضت كان لها ولم يكن للسيد معها وإن عفت إلى المال كان لها وإن عفت عنهما، ففي صحة عفوها قولان، فإن قلنا: موجب العمد القصاص وحده يجوز ذلك أذن السيد أو لا لأنه لا حق للسيد في القصاص والمال لا يجب إلا باختيار الأم وليس للسيد أن يجبرها على تملكه، وإن قلنا: موجب العمد أحد الأمرين. أما القصاص أو المال لا يجوز ذلك لأن فيه إتلاف المال، وهل يجوز بإذن السيد قولان كالهبة.

وإذا كانت الجناية على الطرف فإن كانت خطأ توجب المال ففيه ثلاثة أقوال، أحدها: الأرش للسيد لأنه ملكه، والثاني: الأرش للأم لأن الولد تابع لها، والثالث: أنه موقوف على الولد، فإن عتق بعتق الأم كان الأرش له وإن رق برقها كان للسيد وإن كانت عمدًا، فإن قلنا: الأرش للسيد كان القود في طرفه مستحقًا للسيد وإن جعلناه للأم كان القود في طرفه مستحقًا للسيد، وإن جعلناه موقوفًا على عتق الولد ورقه، فلا

<<  <  ج: ص:  >  >>