قولان: أحدهما: لا يدفع إليها لأنها غير [٩٣/ ب] مستحقة له على هذا القول، وكان موقوفصا بين الولد والسيد فلم يكن كلام فيه حق، والثاني: يدفع إليها لأنه وقف طلبًا لحظ الولد إن عتق فإذا أخذته الأم فعتق بعتقها كان أحظ للولد من أن يأخذ السيد فيرق، ولو مات هذا الولد وكسبه موقوف، ففيه قولان بناءً على قيمته لو قتل أحدهما لها والثاني: لسيده، وأما الكلام في نفقته فإن كان مكتسبًا ففي كسبه وإن لم يكن مكتسبًا، فإن قلنا: كسبه للأم فالنفقة عليها، وإن قلنا: كسبه للسيد فنفقته عليه وإن قلنا: موقوف، ففيه وجهان: أحدهما على سيده لنه على ملكه، والثاني: في بيت المال من سهم المصالح لأنه محتاج، وليس له من ينفق عليه لأن السيد لا يملكه والأم لا تستفيد بالإنفاق عليه.
وأما الكلام في عتقه فإن قلنا: كسبه له أو هو موقوف، والمكاتبة إذا أشرفت على العجز لم يدفع إليها ينفذ عتقه لنه تعجيل الحرية من غير أن يكون على المكاتبة فيه ضرر، وإن قلنا: كسبه للمكاتبة أو قلنا: موقوف ولكن أشرفت المكاتبة على العجز دفع إليها لم ينفذ عتقه لأن في هذا إضرارًا بالمكاتبة وتعطيلاً للكسب عليها.
وقال أبو إسحاق: يعتق الولد قولا واحدًا. وذكره الشافعي في «الأم»، ومن أصحابنا من قال: لا ينفذ عتقه فيه. إذا قلنا: ما في يد الولد للأم، وليس بصحيح وهذه الطريقة أصح، وقال في «الحاوي»: إن قلنا: كسبه للأم لا ينفذ عتقه، وإن قلنا: كسبه للسيد نفذ عتقه فيه، وإن قلنا: موقوف، ففيه وجهان مخرجان من القولين في عجز الأم هل تتمم كتابتها بكسبه، [٩٤/ أ] فإنا قلنا: تتمم لم ينفذ عتقه، وإن قلنا: لا تتمم، نفذ فيه عتقه وهكذا لو كاتبه السيد، فهو مبني على نفوذ عتقه فإن قلنا: يصح عتق بأسبق الأمرين من أدائه وأداء أمه لأنه إذا عتق بانفراد كل واحد منهما وجب أن يتحرر عتقه إذا اجتمعا بوجود أسبقهما فإن سبق أداؤه عتق عن كتابته، وإذا سبق أداء الأم عتق بأداء الأم تبعًا وبطلت كتابته بعتقه.
وأما الكلام في وطئها إذا كانت ثيبًا، فإن قلنا: إنها مملوكة له؛ حل له وطئها، وإن قلنا: إنها موقوفة على الأم لحل ذلك لأنه لا يملكها ملكًا تامًا فإن وطئ فلا حد لأن له فيها شبهة الملك وفي المهر ثلاثة أقوال بناءً على الكسب أحدها: لا مهر إذا قلنا: الكسب للسيد، والثاني: يلزم المهر للأم، إذا قلنا: الكسب لها، والثالث: أنه موقوف كالكسب، فإن قلنا: بالوقف ففي كيفية وقفه وجهان: أحدهما: يوقف بعد قبضه من السيد، والثاني: يوقف في ذمة السيد وعلى حال يحرم الوطئ، فإن أحبلها انعقد الولد حرًا لشبهة الملك وتصير الجارية أم ولده لأنها علقت بحر في ملك وإن كان ضعيفًا، ولا يلزمه قيمتها لأن القيمة إنما تجب لمن يملكها، والمكاتبة لا تملك ابنتها ولا يلزمه قيمة الولد أيضًا لأنها وضعته، وهي أم ولد له، هكذا قال جميع أصحابنا المتقدمين،