مسألة: قال: «فإن وطأها فعلى كل واحد منهما مهر مثلها».
جملة هذا أن السيدين إذا كاتبا جارية ثم وطئها كل واحد منهما فإن لم تحبل فلا حد على واحد منهما وغرر العالم منهما والمكاتبة أيضًا إن كانت عالمة وعلى كل واحد منهما كمال مهر مثلها ثم ينظر فإن عجزت نفسها، وفسخت الكتابة فقد سقط عن كل واحد منهما نصف ما عليه من المهر ولزمه النصف الآخر لشريكه فإن كانا سواءً تقاصا وإن كان أحدهما أكثر من الآخر. قال الشافعي بأن يطأ أحدهما وهي بكر ويطأ الآخر ثيبًا أو تكون في وطئ أحدهما صحيحة وفي وطء الآخر بغية، ونحو ذلك فإن التقاص يحصل في المقدار الذي اتفقا فيه ولصاحب الفضل أن يطالبه وإن كانت قد قبضت المهرين فقد برئت ذمة السيدين منهما ثم ينظر فإن كانا باقيين اقتسماهما وإن كانا تالفين فقد تلفا من ملكيهما وضمانهما، قال في «الأم»: فإن وطئها أحدهما وهي بكر وجب عليه أرش البكارة لأن ذلك لا يدخل في المهر فسقط عنه النصف ويجب النصف لشريكه، وإذا وجدت الجارية مفضاة، فقال كل واحد منهما: أنت أفضيتها حلف كل واحد منهما لصاحبه ويسقط حكم الإفضاء وهكذا إذا اختلفا في الوطئ فكل واحد منهما يقول لصاحبه: أنت وطئت حلف كل واحد منهما لصاحبه ويسقط المهر هذا كله إذا لم تحبل الجارية فإن حبلت الجارية، فالحكم في الحد والمهر على ما مضى. وأما الولد فينظر فإن ادعى كل واحد من الشريكين أنه استبرأها بعدما وطئها وأتت بالولد بعد الاستبراء [١٠٠/ ب] لستة أشهر فصاعدًا لا يلحق بواحدٍ منهما ويحكم أنه أتت به من زنا وقد ذكرنا فيه قولين: كيف يكون حكمه وإن لم يدع أحدهما: الاستبراء لا يخلو حال الولد من أربعة أحوال. إما أن لا يمكن أن يكون من واحد منهما أو أمكن أن يكون من الأول دون الثاني أو من الثاني دون الأول أو أمكن أن يكون من كل واحد منهما فإن لم يمكن أن يكون من كل واحد منهما بأن تأتي به لأكثر من أربع سنين من وقت الوطئ الأول ولأقل من ستة أشهر من وقت الوطئ الثاني، فإنه ينتفي عنهما ويصير كالولد الذي يؤتى به من زنا فيه قولان على ما ذكرنا وإن أمكن أن يكون من الأول دون الثاني بأن تأتي به لأكثر من ستة أشهر من وقت وطئ الثاني يلحق بالأول لأنه يمكن أن يكون منه وينتفي عن الثاني لأن لا يمكن أن يكون منه، ثم لا يخلو، إما أن يكون الأول موسرًا أو معسرًا فإن كان موسرًا فالولد يلحقه ويكون حرًا لشبهة الملك ويصير نصيبه من الجارية أم ولده لأنها علقت بحر في ملكه ويستحق عليه تقويم نصيب شريكه كما يستحق ذلك بالعتق وهل يقوم في الحال أم عند التعجيز؟ فعلى ما ذكرنا من القولين فإن قلنا: يقوم في الحال فقوم فإن الكتابة تنفسخ في نصيب الشريك الذي لم يحبل لأن التقويم ينفسخ بالكتابة ويعود نصيبه إلى ملكه ثم يقوم على شريكه وتبقى الكتابة في النصف الذي لشريكه فيكون نصف الجارية مكاتبًا للشريك المحبل وجميعها أم ولد له.