للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخر قولان: أحدهما، يغرم نصف مهرها لأنها لا تكون أم ولد للمحبل إلا بعد أداء نصف القيمة والآخر، يغرم جميع مهر مثلها»، وهذان القولان [١٠٢/ أ] مبنيان على القولين في وقت التسوية، فإن قلنا: بتأخير السراية إلى وقت الأداء فليس على الثاني بالوطئ إلا نصف المهر لأن الجارية مشتركة بعد، وإذا قلنا: بتعجيل السراية فعليه جميع المهر لأنه وطئها، والملك خالص للأول ولا شك أنه لا يلزمه غير المهر شيء آخر، واختار المزني إيجاب جميع مهر المثل، وقال: لأنه وطئ أم ولد لصاحبه، وهذا التعليل دعوى لأن من قال بالقول الثاني: جعلها أم ولد لصاحبه بعد أداء القيمة، وقال أبو إسحاق: الصحيح ما اختار المزني أنها تصير أم ولد له في الحال دون أداء القيمة وهو الذي اختاره الشافعي، فعلى هذا يلزم على الثاني جميع مهر المثل ولا يجب على الأول نصف قيمة الولد كما ذكرنا عن المزني، فإذا قلنا: عليه جميع المهر وعلى الأول جميع المهر، وقد عجزت انتقل نصف المهر والواجب على الأول إلا الثاني فيصير النصف بالنصف قصاصًا إن استويا، ويبقى للأول على الثاني نصف مهر مثلها، وإذا قلنا: عليه نصف المهر وقد عجزت فللأول على الثاني نصف المهر، وللثاني على الأول نصف المهر أيضًا، فيتقاصان إن استويا، ولا يبقى شيء إذا كان المحبل موسرًا، فإن نصيب الأول يصير أم ولده ولا يقوم نصيب شريكه عليه، فيكون نصيب أم ولده وجميعها مكاتبة بينه وبين شريكه، ثم ينظر فإن اختارت المقام على الكتابة وأدى مال الكتابة، وعتقت استحقت على كل واحد منهما كمال مهرها، وإن عجزت كان نصفها مملوكًا للواطئ الثاني ونصفها أم ولد للواطئ الأول، [١٠٢/ ب] ويكون لكل واحد منهما على صاحبه نصف مهر مثلها فيقاصان على ما ذكرنا.

وأما الولد فهل ينعقد كله حرًا أو نصفه حرًا، ونصفه مملوكًا فعلى ما ذكرنا من الاختلاف بين ابن أبي هريرة وبين أبي إسحاق. وقال القاضي الطبري: ما قاله ابن أبي هريرة أصح لما احتج به أنه وطئ شبهة، ولو وطئ جارية غيره بشبة كان الولد حرًا، ويلزمه قيمته في ذمته إذا كان معسرصا إلى أن يوسر فكذلك ههنا، وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه قولان، وهذا غريب.

والحالة الثالثة: إذا أمكن أن يكون الولد من الثاني دون الأول بأن تأتي به لأكثر من أربع سنين من وقت وطئ الأول ولأكثر من ستة أشهر، وأقل من أربع سنين من وقت وطئ الثاني، فهذا الفصل لم ينقله المزني إلى «المختصر» وحكمه: أنه ينتفي الولد عن الأول ويلحق بالثاني، ويصير الثاني في هذا القسم كالأول في القسم الأول والأول ها هنا كالثاني هناك إلا في أشهر، فلا يخلو حال الثاني، إما أن يكون موسرًا أو معسرًا، فإن كان موسرًا، فالولد حر ونصيبه من الجارية أم ولده، ويسري إلى نصيب شريكه ويقوم في حقه ومتى يقوم فعلى ما ذكرنا من القولين، فإذا قلنا: يقوم في الحال، أو بعد العجز، فعجزت وقومت، فبالتقويم تنفسخ الكتابة في نصيب شريكه ويعود رقيقًا ويكون كسبه للشريك، والنصف الآخر يبقى على الكتابة والحكم فيه، إذا أدت أو

<<  <  ج: ص:  >  >>