وإن كان الأول موسرًا والثاني: معسرا، فالأول لما وطئ لزمه نصف مهر المثل ويصير نصيبه أم ولده، ويري إلى نصيبه شريكه ويقوم عليه، ومتى يسيري فعلى الأقوال الثلاثة، وينعقد الولد حرًا وهل يلزمه قيمته؟ ينظر، فإن كانت وضعته بعد دفع القيمة لم يلزمه، وإن كان قبل دفع القيمة، فإن قلنا: الإحبال يسري بنفسه، أو قلنا: يراعي - ودفع القيمة لم يلزمه، وإن قلنا: يسري بعد دفع القيمة لزمه نصف لقيمته، فيكون حكم الموسر ههنا بحكمه في القسم الأول سواءً [١٠٦/ أ].
وأما الثاني، ألمعسر إذا وطئ فإن وطئ بعدما صارت الجارية أم ولد له يلزمه كمال المهر وإن وطئ قبل أن يصير جميعها أم ولد له يلزمه نصف المهر على ما ذكرنا، وهل يصير نصيبه أم ولد، فعلى ما ذكرنا، وأما الولد إن وطئها بعد ما صارت أم ولد الأول، قال أبو إسحاق: ينعقد مملوكًا لأن وطئه صادف أمة لا ملك له فيها ولا يلزمه قيمة الولد، وإن وطئها قبل أ، صارت أم ولد الأول، فقد وطئها ونصفها مملوك له ونصفها أم ولد الأول فيه وجهان على قول أبي إسحاق ويكون نصفه حرًا ونصفه مملوكًا وعلى قول ابن أبي هريرة ينعقد حرًا ويجب على هذا الشريك نصف قيمته في ذمته، فيكون الحكم في هذا القسم كالحكم فيه إن كانا موسرين إلا في هذا الولد في حق الثاني.
وإن كانا معسرين فالأول لما وطئ يلزمه نصف مهر المثل، صار نصيبه منها أم ولده ولا يسري إلى الباقي، وفي الولد وجهان، فيستوي في هذه المسألة حكم الأول، والثاني: في جميع الأحكام وتصير الجارية أم ولدهما.
وإن كان الأول معسرًا، والثاني: موسرًا فالأول لما وطئ يلزمه نصف المهر ويصير نصيبه من الجارية أم ولده، فلا يسري، وفي الولد وجهان، وأما الثاني لما وطئ لزمه نصف المهر لأن نصفها له ونصفها أم ولد لشريكه ويصير نصيبه أم ولده ولا يسري إلى نصيب شريكه لأنه قد صار أم ولد للأول، ولا يمكن أن يصير أم ولد للثاني، وينعقد ولده حرًا ويجب عليه نصف قيمته [١٠٦/ ب] لشريكه فيكون الحكم في هذا القسم كالحكم فيه، إذا كانا معسرين إلا في الولد على ما بيناه، والكلام في المقاصة بينهما على ما مضى قال المزني لما فرغ من ذكر هذه المسألة: قد مضى قوله في هذه المسألة بما قلت لأنها لو لم تكن للأول أم ولد إلا بعد أداء نصف القيمة لما كان على المحبل الثاني جميع مهرها ولا قيمة ولده منها. قلنا: جواب الشافعي ههنا صدر على قول تعجيل السراية وعليه فرع حكم المهر والقيمة، ولا يحتج بفرع قول على إبطال قول يرد ذلك الفرع.
والمسألة الثانية: وهي إذا لم يعلم الأول منهما بل كل واحد منهما يدعي أنه هو الأول والمسألة مفروضة فيما فرضنا المسألة قبلها، وهو إذا كان كل واحد منهما لا يدعي الاستبراء ولا يدعي مشاركة صاحبه في الوطئ في طهر واحد، فلا يخلو حالهما من ثلاثة أحوال: إما أن يكونا موسرين أو معسرين أو أحدهما، موسرًا والآخر،