وأما أحد الوجهين هو الوجه الذي يقول: إذا أعتق الموسر نصيبه وأخرنا السراية إلى الأداء، فأعتق الثاني نصيبه قبل قبض القيمة نفذ عتقه وكذلك في الاستيلاد ينفذ استيلاده فعلى هذا القول وعلى هذا الوجه إذا مات أحدهما عتق نصيبه يقينًا لأن الميت إذا كان أولهما استيلادًا فنصيب أم ولده باستيلاده، وإن كان الثاني فنصيبه أم ولده يتراخى قبض القيمة. وإن كانا معسرين فلا يفيد اختلافهما شيئيًا لأن كل واحد منهما يقول: علي نصف المهر، وقد صار [١٠٨/ أ] نصيبي أم ولد، ولم يسر ذلك إلى نصيب شريكي وفي ولدي وجهان فيتقاصان بنصف المهر ويتقاصان بنصف قيمة الولد إذا أوجبنا ذلك، وتكون الجارية أم ولد لهما معًا، فإن مات أحدهما عتق نصيبه منها ويثبت الولاء عليه لعصبته، ونقل الربيع: أن الولاء موقوف إذا كانا معسرين أيضًا ونص في «الأم» عليه، فقال: وولاءها موقوف بكل حال، وإن كانا معسرين أو أحدهما معسر، والآخر موسر، قال أبو إسحاق: هذا سهو منه في النقل، والصحيح ما رواه المزني وهو أنه قيد، فقال: وولاءها موقوف بكل حال إذا كانا موسرين فدل على أنهما إذا كانا معسرين لا يتوقف الولاء بل يكون الولاء بينهما، ويشبه أن يكون الذي في «الأم» شيئًا جرى به القلم، وهكذا قال الماسرجسي والقفال، وهذا لأن الولاء في اليسار مشكل متوقف، وفي الإعسار غير مشكل فلم يجز أن يوقف، وقال ابن أبي هريرة وصاحب «الإفصاح»: أراد به إذا كانا معسرين وقت التنازع والحكم لا في وقت الإحبال، وفي ذلك الوقت كانا موسرين.
وإن كان أحدهما موسرًا، والآخر معسرًا، فالموسر يقول: أنا وطئت أولا فعلي نصف المهر وقد صار نصيبي أم ولدي وسري إلى نصيب شريكي، وعلي قيمته وولدي حر وعلي نصف قيمته في حال ولا شيء علي في حالة أخرى، وأنت أيها المعسر وطئت بعد ذلك، فعليك كمال المهر في حالة ونصفه وفي حالة أخرى، وولدك أن يكون مملوكًا أو نصفه حر أو جميعه حر، وعليك نصف قيمة الجارية لم يصر شيء منها أم ولد لك والمعسر يقول: أنا وطئت [١٠٨/ ب] أولا فعلي نصف المهر وقد صار نصيبي من الجارية أم ولد ولم يسر ذلك إلى نصيب شريكي وفي ولدي وجهان، وأنت وطئت بعد ذلك، فعليك نصف المهر وصار نصيبك من الجارية أم ولد وولدك حر وعليك نصف وعليك نصف قيمته. فأما الاختلاف في المهر وقيمة الولد فإنهما يتحالفان عليه ويسقط ما يدعيه كل واحد منهما على صاحبه منه.
وأما الجارية فقد أقر أن نصفها أم ولد للموسر ونصفها الباقي يدعي هو والمعسر، فيكون موقوفا بينهما، فإذا مات الموسر عتق عليه نصفها وثبت الولاء في هذا النصف لعصبته، والنصف الآخر يوقف فإذا مات المعسر عتق، ويكون ولاء نصيبه موقوفًا بين ورثة السيدين على ما ينكشف فيما بعد.