لأن بلالاً لحق بالشام بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستخلف سعد القرظ على الأذان في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما خبرهم الأول قلنا روى أبو داود بإسناده عن عبد الله بن زيد أنه قال في الخبر:
ثم استأخر عني غير بعيد، ثم قال: يقول: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله. وذكر نحو قولنا إلى آخرها.
وقال الإمام أبو سليمان الخطابي: قد روي هذا بأسانيد مختلفة وإسناد هذا أصحها وجرى به العمل في الحرمين والحجاز وبلاد اليمن وديار مصر ونواحي المغرب، وحكاه سعد القرظ، وكان أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته بقباء، ثم استخلفه بلال وسأل عمر رضي الله عنه، وكان يفرد الإقامة. [٣٠ أ/ ٢]
وأما الخبر الثاني، قلنا: روى الحميدي في الرد على أهل الحذف قال: أدركت إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة، قال: أدركت أبي وجدي يقيمون فيقولون: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، وذكر نحو قولنا، ويشبه أن يكون العمل من أبي محذورة ومن ولده بعده إنما استمر على إفراد الإقامة فاتبعه وكان أمر الأذان ينقل من حال إلى حال وتدخله الزيادة والنقصان، ولأنها إنما تبلع تسع عشرة كلمة بالترجيع، وهم لا يقولون. وقال بعض أصحابنا: إذا رجع في أذانه ثنى الإقامة لهذا الخبر.
وحكاه شيخنا الإمام ناصر رحمه الله عن محمد بن إسحاق بن خزيمة، وهذا خلاف مذهب الشافعي. وقال ابن شريح: الترجيع والتثنية في الإقامة من الاختلاف المباح وليس بعضه بأولى من البعض، وهذا قول مطروح بالإجماع، فإذا تقرر هذا لزم الشافعي رحمة الله عليه نفسه سؤالاً، فقال: فإن قال قائل: فقد أمر أن يوتر الإقامة. واختلف أصحابنا في معنى هذا السؤال، فمنهم من قال: هذا سؤال من جهة مالك في إفراد التكبير، فكأنه يقول: قد أمر بلال أن يوتر الإقامة، وأنت تأمر بتشفيع التكبير، فأجابه بأن عارض، فقال: قيل له: فأنت تثني الله أكبر، فتجعلها مرتين، يعني مرة في ابتداء الإقامة، ومرة في آخرها، فيلزمك من الخبر ما ألزمتنا.
ومن أصحابنا من قال: هذا سؤال من قوله «القديم» على قوله «الجديد» في إفراد