للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصح كتابته ونص في المرتد إذا دبر عبده على ثلاثة أقوال، واختلف أصحابنا في هذا على طريقين فمنهم من قال: فيها ثلاثة أقوال، ومنهم من قال: في الكتابة قولان: أحدهما، أنها باطلة، والثاني، أنها صحيحة ولا يجيء القول الثالث فيها لأن العقد لا يقف عند الشافعي رضي الله عنه، ولأنه لا يجوز عقد الكتابة على غرر، ألا ترى أنه لا يجوز تعليقه بالمشيئة ولا بمدة مجهولة، فلم يجز أن يكون موقوفًا بخلاف التدبير وهذا اختيار القاضي أبي حامد، وقال: أظهر قوليه، وأولاهما جواز تصرفه كهو قبل ردته، وقال أبو إسحاق: الصحيح، الطريقة الأولى لأنه إنما لا يجوز أن يقف العقد من ملك الغير، فأما في ملك الإنسان يجوز أن يكون موقوفًا بمعنى حادث فيه كما تقول في المريض إذا وهب أكثر من ثلث ماله وسلمه إلى الموهوب له فالهبة موقوفة، فإن صح من مرضه كانت نافذة وإن مات من مرضه رد منها ما زاد على الثلث، فإذا جاز توقف تصرف المريض على ما يظهر من اتصاله بالموت، أو انفصاله عنه بالبرء فكذلك تصرف المرتد [١٣١/ب] يجب أن يكون موقوفًا إلى اتصاله بقتله، أو انفصاله عنه بالتوبة ولا فرق بينهما، وهذا اختيار أبي حامد، ولأن في الكتابة معنى العتق بالصفة كالتدبير سواء فهما سواء في جواز الوقف، ومن قال: بالأول فرق بين المريض وبين المرتد بأن المرتد غلط عليه بما أتى به من الكفر والمريض الجشع له فيها ولا يقدر على إزالته فسومح له في جعل تصرفه موقوفًا، فأما إذا وقف الحاكم ماله على توبته أو قتله على الرده، فكاتب عبده لم تجز الكتابة قولا واحدًا لما أحاط به من الحجر فإذا تقرر هذا، فإن أدى هذا المكاتب المال نظر، فإن أدى قبل أن يحجر عليه، فإن قلنا: الكتابة صحيحة، وهو اختيار المزني ف قد عتق بالأداء ويكون الولاء والمال لسيده لأنه ملكه على هذا القول ثابت على ماله، وإن قلنا: إنها باطلة، فإن أدى لم يعتق لأنه محكوم بزوال ملكه عن ماله ولو أعتق عبده ابتداء لم ينفذ، وإن قلنا: إنها موقوفة نظر، فإن أسلم السيد تبينا أن الكتابة قد صحت ويصح الأداء ويقع العتق، ويكون الولاء للسيد وإن قتل أو مات على الردة تبينا أنها باطلة وأن الأداء لم يصح فيكون العبد فيئًا للملمين، وكذلك ما في يده من المال، وإن أدى بعدما حجر الإمام على المرتد في ماله، فإن قلنا: الكتابة باطلة فليس بلينهما عقد والعبد باق على الرق، فأداؤه كلا أداء، وإن قلنا: إنها صحيحة أو موقوفة فلا يجوز أن يدفع المال إلى السيد لأنه محجور عليه لا يصح منه القبض، فإذا دفع إليه لا يعتق وللحاكم مطالبته بالمال، ثم إن كان ما دفعه باقيًا بحاله أخذه [١٣٢/أ] ودفعه إلى الإمام وعتق، وإن كان تالفًا فقد هلك من ضمانه، وإن كان له شيء آخر يدفعه إلى الحاكم، وإلا كان له تعجيزه، فإن أسلم السيد، قال الشافعي: كان عليه أن يحتسب له بما دفع ويعتق عليه العبد، لأنا لم نصحح قبضه لحق المسلمين، فإذا أزال حقهم وصار الحق له صح قبضه ووقع العتق،

<<  <  ج: ص:  >  >>