العبد القن، فالسيد بالخيار بين التسليم للبيع وبين الفداء، فإن اختار الفداء [١٣٩/ ب] فقد ذكرنا بكم يفدي فإن جني جنايات، وهو مكاتب فاختار الفداء ظاهر ما ذكره الشافعي: أنه يفدي نفسه بأقل الأمرين من أرش كل جنايته، أو القيمة، واختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال: هذه المسألة كالمسألة المتقدمة فيه قولان: لأنه ما دام على الكتابة فبيعه ممنوع فهو كما لو امتنع بيعه بالعتق قال أبو إسحاق: ولا يعرف الشافعي إلا أنه قال: يفدي نفسه بأقل الأمرين وهذا النص على ما ذكرنا غير صحيح ومن أصحابنا من قال: يفديه بأقل الأمرين من أرش كل جناية، أو القيمة على ما نص عليه الشافعي، وحكاه أبو حامد، والفرق أن هناك أتلف محل الأرش بالإعتاق، وههنا الرقبة باقية يمكن بيعها في الجناية فوجب ضمان كل جناية على الانفراد كالعبد القن سواء وهذا الفرق باطل بما لو عجز المكاتب ففسخ السيد الكتابة واختار الفداء، فإنه مانع من البيع مع بقاء الرقبة، ولا يضمن لكل واحد أقل الأمرين في أحد القولين، قال المزني: قد قطع في هذا الباب بأن الجنايات متفرقة أو معًا سواءً، وهو بالحق عندي أولى، يقال له: إنما قال ذلك في حال التعجيز ومسألتنا هذه في حالة عدم العجز فكيف يتشابهان؟.
فرع آخر
لو أقر المكاتب بما يوجب القصاص يقبل وإن أقر بما يوجب المال يقبل أيضًا، وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه وجه آخر لا يقبل كالعبد القن، وهو خلاف النص، فإذا قلنا: يقبل فأقر بجناية أرشها ألف، وقبلنا فعجز بعد ذلك، وعاد رقيقًا فادعي المولى أنالأرض كان خمسمائة، ففيه قولان: أحدهما: [١٤٠/ أ] لا يقبل من السيد لأنا قبلنا إقرار المكاتب، والثاني: يقبل منه كما لو أقر الآن بعد العجز لا يقبل على السيد ويقبل تكذيبه ذكره القفال.
مسألة: قال: «فإن جني على المكاتب عبده».
الفضل
إذا جني عبد المكاتب على المكاتب جناية خطأ أو جناية عمد وعفا عن القصاص كانت هدرًا على ما ذكرنا ولا يجب على العبد الأرش لأن العبد ملكه، قال: وإن كان هذا العبد ابنه من أمته من أصحابنا من قال: يكون أيضًا هدرًا وهو اختيار أبي حامد. وقال القاضي الطبري: نص عليه في «الأم»: وهذا مملوكه كغيره، وقال صاحب «الإفصاح»: من أصحابنا من قال: يجوز له أن يبيع منه بمقدار الأرش لأنه لا يملك بيعه من غير حاجة، فيستفيد بالجناية جواز البيع وهذا لا يصح لأنه لو جاز هذا لجاز إذا جني عبده المرهون عليه أن يستفيد به بيعه وفائه من الرهن ولا يختلف المذهب فيه