يخلو إما أن يجني على نفسه أو على طرفه فإن كانت على نفسه فقتل انفسخت الكتابة سواء قتله أجنبي أو سيده، كما لو مات، ثم ينظر، فإن كان القاتل أجنبيًا فعليه القيمة للسيد والكفارة لله تعالى وإن كان الجاني سيده فلا قود عليه لأنه عاد إلى ملكه بانفساخ الكتابة، ولكن تجب الكفارة وقوله:«ولو قتله السيد لم يكن عليه شيء» يعني سوى الكفارة منن القيمة وغيرها ويعزره السلطان، وأما ما في يده من الكسب فإنه للسيد في الموضعين، فإن قيل: ورثتم القاتل في هذه المسألة، قيل: هذا ليس بميراث، وإنما يأخذه السيد بالملك لبطلان كتابته ونظيره أم الولد إذا قتلت سيدها عتقت لأن الحرية ليست بموروثة، وكذلك من له دين مؤجل فقتل من عليه الدين حل وسقط الأجل.
وإن جني على طرفه فإن كان الجاني سيده فلا قصاص لأنه ملكه، وإن كان ضعيفًا، ولكن يلزمه الأرش، وإن كان الجانب أجنبيا، فإن كان حرًا لا قصاص، وإن كان عبدًا يلزم القصاص، وإذا وجب الأرش يكون للمكاتب لأنه من جملة الكسب، وهل له أن يطالب به قبل اندمال الجراح؟ فيه قولان: فإذا قلنا: لا يطالب نظر فإن سرت الجناية إلى نفسه انفسخت الكتابة، ويعود إلى ملك السيد وما في يده من المال، [١٤١/ ب] ثم ينظر في الجاني فإن كان أجنبيًا لزمه قيمه العبد للسيد والكفارة لله تعالى، وإن كان السيد فلا قيمة عليه وتلزمه الكفارة، وإن اندمل الجرح فله المطالبة بإرشه. وفرض الشافعي المسألة فيه إذا كان قد قطع يده، فوجب نصف قيمته، فإن كان الجاني أجنبيًا، فالمكاتب يأخذ منه الأرش ويتصرف فيه ويؤديه في مال الكتابة، وإن كان الجاني سيده فإنه يستحق عليه أرش الطرف، والسيد يستحق عليه مال الكتابة ويجب الأرش من غالب نقد البلد لأنه بدل عن متلف، ثم ينظر فإن كان أحد الحقين من غير جنس الآخر لم يتقاصا بل يطالب كل واحد منهما صاحبه بحقه فيستوفيه، وإن كان من جنس الآخر نظر، فإن كان قد حل مال فقد تساويا في الحلول والجنس، فهل يصير قصاصًا؟ فيه أقوال، وأجاب الشافعي ههنا إن طلب العبد يكفي لهذه المقاصة، فإن قلنا: لا يصير قصاصًا استوفى كل واحد منهما ما على صاحبه من الحق، وإن قلنا: يصير قصاصًا، فإن تساوي الحقان برئت ذمة كل واحد منهما مما عليه وعتق، وإن كان الأرش أكثر من مال الكتابة برئت ذمة المكاتب من مال الكتابة، وعتق ويكون له مطالبة السيد بفاضل الأرش، وإن كان مال الكتابة أكثر برئت ذمة المكاتب من قدر الأرش ويبقي الباقي فإن أدي وإلا فللسيد تعجيزه، وإن لم يكن حل على المكاتب مال الكتابة لا يجبر على المقاصة إلا أن يختار ذلك فيصير كما لو عجل مال الكتابة، وإذا قلنا: له المطالبة بالأرش قبل الاندمال فالحكم فيه كما لو اندمل وطالبه بالأرش على ما ذكرنا في المقاصة وغيرها إلا أنه ينظر في الأرش، فإن كان مثل دية حر أو أقل منها [١٤٢/ ـ] كان له المطالبة بجميعه، وإن كان أكثر لم يكن له أن يأخذ أكثر من الدية لأنه ربما