ذلك وطالب بالمال صح رجوعه خلافًا لأبي حنيفة، ثم لا يخلو إما أن يكون العبد حاضرًا أو غائبًا، فإن كان حاضرًا ينظر فإن أظهر العجز كان للسيد أن يفسخ الكتابة ويرده إلى ملكه، وإن كان معه مال فأداه إلى السيد عتق. وإن قال: لي مال أحضره فقد ذكرنا، وإن كان العبد غائبًا فليس للسيد أن يفسخ في الحال لأن غيبته لنظرته وتأجيله بل يرفع الأمر إلى الحاكم ويثبت عنده الكتاب وحلول المال عليه، وأنه لم يؤد شيئًا ويحلفه الحاكم على ذلك فإن هذا قضاء على الغائب فلا بد من اليمين، فإذا فعل هذا كتب إلى حاكم ذلك البلد بما يثبت عنده، فإذا وصل الكتاب إليه استدعي المكاتب وسأله عن الحال، فإن أظهر العجز كتب إلى حاكم ذلك البلد حتى يخبر السيد بعجز المكاتب [١٥٤/ ب] فيفسخ الكتابة وإن ذكر أن له مالًا، فإن لم يكن له وكيل، فإن الحاكم يكلف المكاتب أن يوصل المال إلى سيده إما ينفسه أو ينفذه مع أمين فإذا فعل ذلك وصار المال إلى السيد عتق، فإن أخر الإنفاد حتى مضت مدة لو أنفذ المال كان قد وصل كان للسيد أن يفسخ في الحال، وكذلك الوكيل إذا جعل السيد إليه الفسخ فله أن يفسخ في الحال، قال أبو إسحاق: ظاهر ما نقل المزني أنه قد أنظره مسافة الطريق سواء كان للسيد وكيل في ذلك البلد أو لا ولكن الربيع رواه مفصلًا هكذا، وهو الصحيح وعلى هذا لو كان طريقًا لا يمكن أن يسلك في السنة إلا مرة أنظره إلى ذلك الوقت الذي يمكنه سلوكه فيه، قال أبو إسحاق: فإن كتب إلى الحاكم بأن يقضيه فليس على الحاكم ذلك ولا أن يكون وكيلًا لغيره لأن الحاكم يكلف الحكم دون قبض المال بالوكالة فإن اختار القاضي القبض كان حكمه حكم الوكيل، فإن جاء وكيل ثابت الوكالة يطالب بالتسليم إليه نظر بينهما ويحكم بما يثبت.
مسألة: قال: «ولو غلب على عقله».
الفصل
يعني إذا كاتب عبدًا فجن المكاتب لا تنفسح الكتابة بجنونه فإن قيل: هلا قلتم تنفسخ لأنها جائزة من جهته غير لأنه كما تنفسخ الشركة والمضاربة قلنا: العقد الذي ينفسخ بالجنون هو الجائز من الطرفين، فأما اللازم من أحد الطرفين لا ينفسخ به كما لا ينفسخ النكاح بجنون الزوجين لأنه جائز من جهة الزوج لازم من جهة الزوجة ولأن بالكتابة يتعلق العتق بالصفة وذلك يمنع من انفساخها بالجنون [١٥٥/ أ] ألا ترى أن مجرد العتق بالصفة لا ينفسخ بالجنون فإذا ثبت عند الحاكم ذلك، فإن وجد للمكاتب مالًا قد ذكرنا أنه يدفعه إلى السيد وحكم بعتقه، وإن لم يجد له مالًا جعل للسيد فسخ الكتابة، وليس له فسخها ما لم يأت الحاكم لأن الحاكم قيم المجانين ثم إذا فسخها لزمه نفقته لأنه عاد إلى ملكه.