والثاني: ما قاله بعض أصحاب الحديث: أن الزهري أنكر سليمان بن موسى وقال: لا أعرفه، وإلا فالحديث أشهر من أن ينكره الزهري ولا يعرفه، وليس جهل المحدث بالراوي عنه مانعًا من قبول روايته عنه، ولا معرفته شرطًا في صحة حديثه.
والثالث: أنه لا اعتبار بإنكار المحدث للحديث بعد روايته عنه، وليس استدامة.
ذكر المحدث شرطًا في صحة حديثه، فإن ربيعة روى عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم "قضى باليمين مع الشاهد". ثم نسي سهيل الحديث، فحدث به ربيعة وكان سهيل إذا حدث به قال: أخبرني علي عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم: "قضى باليمين على الشاهد".
السؤال الثاني: إن قالوا: هذا الحديث لا يصح عن عائشة فقد رويتموه عنها؛ لأنها زوجت بنت أخيها عبد الرحمن وكان غائبًا بالشام، فلما قدم قال: أمثلي يقتات عليه في بناته فأمضى النكاح.
وقيل: ما روته من الحديث أثبت عند أصحاب الحديث مما روي عنها من نكاح ابنة أخيها، وقد ذكر الدارقطني لإبطاله وجوهًا على أن الشافعي قد أفرد للجواب عنه بابًا فنحن نذكره فيه.
السؤال الثالث: إن قالوا: هو محمول على من عليها من النساء ولاية بصغر أو رق، وتلك لا يجوز نكاحها إلا بولي، وقد روي في الخبر: أن امرأة نكحت بغير إذن مواليها فنكاحها باطل، فاقتضى صريح هذه الرواية حملها على الأمة، ودليل تلك آكد وإن حمله على الصغيرة وخرجت الحرة الكبيرة في الروايتين، والجواب عنه من وجهين:
أحدهما: أن على جميع النساء في النكاح ولاية لجواز اعتراض الأولياء جميعهن.
والثاني: أن حمله على الصغير لا يجوز من وجهين:
أحدهما: لاستواء الصغير والصغيرة فيه، ولانتقاء تخصيص النساء بالذكر تأثير.
والثاني: لاستواء النكاح وغيره من العقود فلا يبقى لتخصيص النكاح بالذكر تأثيره.
وحمله على الأمة لا يجوز من وجهين:
أحدهما: لاستواء العبد والأمة فيه لم يكن لتخصيص الأمة تأثير.
والثاني: لقوله في آخر الخبر: "فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له" والسلطان لا يكون وليًا للأمة وإن عضلها مواليها. وروايتهم أنه قال: "أيما امرأة نكحت بغير إذن مواليها فنكاحها باطل". والمولى ينطلق على الولي كما قال الله تعالى: {وإنِّي