للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليها فنكاحها باطل" فكما يراعى في نكاح السفيه إذن الولي دون عقده كذلك هذا وهذا خطأ؛ لأن صريح الخبر يقتضي بطلان النكاح لعدم إذنه ودليل خطأه نقيض صحة النكاح بوجود إذنه. وهو متروك لأمرين:

أحدهما: لما رواه معاذ بن معاذ عن ابن جريج بإسناده المتقدم ذكره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهما: "أيما امرأة لم ينكحها وليها فنكاحها باطل".

والثاني: أن إذن الولي الذي يصح به النكاح هو إذن لمن ينوب عنه وهو الوكيل والمرأة لا تصح أن تكون نائبًا عنه لأن الحق عليها فلم تكن هي النائبة فيه لاختلاف القرضين فجرى مجرى الوكيل في البيع الذي لا يجوز أن يبيع على نفسه لاختلاف عرضه وعرض موكله وليس لاعتبار بالإذن للسفيه وجه؛ لأن الحجر على السفيه في حق نفسه والحجر على المرأة في حقوق الأولياء فافترقا.

فرع:

وأما أبو يوسف فاعتبر أن يعقد رجل عن إذنها لقصورها عن مباشرة العقد بنفسها وجعله موقوفًا على إجازة وليها لما فيه من حق في طلب الأكفاء. وهذا فاسد من وجهين:

أحدهما: هو أنها كانت مالكة للعقد إلى الاستتابة. وإن كانت غير مالكة لم يصح منها الاستتابة.

والثاني: أنه إن كانت الاستتابة شرطًا لم تحتج إلى إجازة, وإن لم تكن شرطًا لم تحتج إليها فصار مذهبه فاسد من هذين الوجهين.

مسألة:

قال الشافعي: "ورَوَت عَائِشَةُ رضي الله عنها أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَيُمَا امرَأَةٍ نُكِحَت بِغَيرِ إِذنِ وَليَّهَا فَنِكَاحُهَا باَطِلٌ ثَلاثًا فَإِن مَسَّهَا فَلَهَا المَهرُ بِمَا استَحَلَّ مِن فَرجِهَا فَإن اشتَجَرُوا أو قَالَ اختَلَفُوا فَالسُلطَانُ وَلِيَّ مَن لا وَليَّ لَهُ. قَالَ: وفي ذَلِكَ دَلَالَاتٌ: مِنهَا أنَّ لِلوَلِيُ شِركًا في بُعضِهَا لا يَتِمُّ النِكاحُ إلَا بِهِ مَا لَم يَعضِلهَا وَلاَ نَجِدُ لِشِركِهِ في بُعضِهَا مَعنًى إلَّا فَصلَ نَظَرِهِ لِحياطَةِ المَوضِع أَن يَنَالَها مِن لَا يُكَافِئَهَا نَسَبُهُ وفي ذَلِكَ عَارٌ عَليهِ, وَأنَّ العَقدَ بِغَيرِ وَليِّ بَاطِلٌ, لا يَجُوزُ بِإجَازتِهِ وأنَّ الإصَابَةَ إذا كانَت بِشُبهَةٍ فَفِيهَا المَهرُ وَدُرِئ الحَدُّ".

قال في الحاوي: ذكر الشافعي بعد استدلاله بهذا الحديث ما تضمنه ودل عليه من الفوائد والأحكام نصًا واستنباطًا منها قوله: "أيما امرأة" فذكر خمسة أحكام وذكر أصحابه ثلاثين حكمًا سواها فصارت خمسة وثلاثين حكمًا أخذت دلائلها من الخبر بنص واستنباط منها في قوله: "أيما امرأة" أربعة دلائل:

<<  <  ج: ص:  >  >>