الصمت, وسواء كانت البكر ممن قد تزوجت مرة وطلقت قبل الدخول, أو لم تتزوج قط إذا كانت البكارة باقية في أن حكمها ما ذكرناه مع الأب والعصبات.
مسألة:
قال المزني رحمه الله: وروى عن الشافعي عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل" ورواه غير الشافعي عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم".
قال في الحاوي: وهذا صحيح الشهادة في النكاح واجبة, وقال داود: غير واجبة, وبه قال من الصحابة عن علي بن أبي طالب, وعبد الله بن الزبير, وعمر, وعبد الله بن عباس, ومن التابعين: سعيد بن المسيب, والحسن البصري, والنخعي, ومن الفقهاء: أبو حنيفة, والثوري, وأحمد بن حنبل, ومال, وأبو ثور, غير أن مالكًا جعل الإشهاد به وترك التراخي يكتمه شرطًا في صحته, واستدلوا بقوله تعالى: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ} [النساء:٣] فكان على عمومه وكما رواه عباد بن سنان أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنكحك آمنة بنت ربيعة بن الحارث؟ قال: بلى قد أنكحتها ولم يشهد, ولما روي أن عليًا زوج بنته أم كلثوم من عمر ولم يشهد, قالوا: ولأن العقود نوعان: عقد على عين كالبيع, وعقد على منفعة كالإجارة وليست الشهادة شرطًا في واحد منهما مكان النكاح ملحقًا بأحدهما.
واستدل مالك خصوصًا في وجوب الإشهار بما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أعلنوا هذا النكاح واضربوا عليه بالدف" وبما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن نكاح السر.
ودليلنا ما رواه الحسن عن عمران بن الحصين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا نكاح إلا بولي وشاهدين", وروي عن ابن مسعود عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا نكاح إلا بولي وشاهدين". وروى هشام بن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لابد من النكاح من أربعة: زوج وولي وشاهدي عدل" ولأن النكاح لما خالف سائر العقود في تجاوزه عن المتعاقدين إلى ثالث وهو الولد الذي يلزم حفظ نسبه خالفها في وجود الشهادة عليه حفظًا لنسب الولد الغائب لئلا يبطل نسبه فيجاهد الزوجين وفي هذا انفصال لما ذكروه من الاستدلال في إلحاقه إما بعقود الأعيان أو بعقود المنافع.
فأما الجواب عن الأول: فهو أن المقصود بها من يستباح من المنكوحات ولم يرد في صفات النكاح, وأما الجواب عن تزويج النبي صلى الله عليه وسلم آمنة بنت ربيعة ولم يشهد وتزويج